أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، بمجلس النواب، أن محاربة الهدر المدرسي تُعد مدخلًا أساسيًا لمعالجة ظاهرة الشباب في وضعية NEET، أي الشباب الذين لا يعملون ولا يتابعون تعليمًا ولا تكوينًا.
وجاء ذلك خلال اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال خُصص لمناقشة مواضيع الدخول المدرسي 2025-2026، حيث شدّد الوزير على أن الوزارة تستهدف تقليص الهدر المدرسي في المستوى الإعدادي بنسبة 50% والعمل على إيجاد حلول للنسبة المتبقية عبر “مدرسة الفرصة الثانية” أو مسارات التكوين المهني.
وكشف أن عدد الأطفال غير المندمجين يبلغ مليونًا و500 ألف طفل، ويتزايد سنويًا بما بين 200 و300 ألف. وفي هذا الإطار، أوضح برادة أن الوزارة تعمل على توسيع مؤسسات “الفرصة الثانية” لاستقبال 35 ألف طفل بدل 22 ألفًا حاليًا، مع تخصيص دعم مالي بقيمة 6 آلاف درهم عن كل طفل لضمان إعادة إدماجه في المنظومة التعليمية، مبرزًا الاشتغال على إحداث شهادة مهنية معترف بها من طرف مؤسسات التكوين المهني بما يتيح لهؤلاء الأطفال إمّا متابعة الدراسة في مسار مهني مُؤطَّر أو العودة إلى التعليم النظامي بعد استكمال التكوين.
وشدد المسؤول الحكومي على ضرورة معالجة الأسباب العميقة المؤدية إلى الانقطاع، وفي مقدمتها صعوبة الولوج إلى المؤسسات التعليمية خصوصًا في العالم القروي، مشيرًا إلى أهمية تحسين النقل المدرسي وتجديد أسطوله وتوفير “داخليات” إضافية لتيسير ولوج التلاميذ إلى مؤسساتهم. وعلى مستوى الأرقام العامة للموسم الدراسي 2025-2026، أفاد الوزير بأن عدد التلاميذ بلغ 8 ملايين و271 ألفًا و256 تلميذًا، ضمنهم 7 ملايين و4 آلاف و533 متمدرسون بالتعليم العمومي، ومليون و266 ألفًا و723 بالتعليم الخصوصي. وبلغ عدد مؤسسات التعليم العمومي 12 ألفًا و441 مؤسسة، تضم 299 ألفًا و129 أستاذة وأستاذًا، من بينهم 14 ألف أستاذ جديد.
وبخصوص التعليم الأولي، تم توسيع العرض التربوي ليستوعب 42 ألفًا و253 تلميذًا إضافيًا مقارنة بالسنة الماضية، وفتح أزيد من 2500 قسم جديد، لترتفع نسبة التغطية إلى 85%، مع إرساء آلية لضمان الجودة تستند إلى مراجعة وتحيين الإطار المنهجي واستكمال تقوية القدرات المهنية للمربيات والمربين. أما في ما يتعلق بمدارس الريادة، فأوضح الوزير أن عددها بلغ خلال الموسم الحالي 4626 مؤسسة، بما يغطي 51% من مؤسسات التعليم الابتدائي، ويستفيد منها نحو مليون تلميذ يؤطرهم 75 ألف أستاذ وأستاذة، وقد جُهِّزت بوسائل رقمية وبيداغوجية حديثة لتعزيز جودة التعلمات.
وخلال تفاعلهم مع عرض الوزير، اعتبر أعضاء في اللجنة أن “إشكالية المدرسة العمومية موروثة ومعقدة ومركبة”، مشيرين إلى “المجهود العمومي الكبير” المبذول في هذا المجال، والذي يتجلى في اعتماد رؤية 2015-2030 والقانون الإطار للتربية والتكوين وخارطة الطريق 2022-2026، بما يعكس إرادة قوية ومسؤولية جماعية لإصلاح منظومة التعليم. ولفت المتدخلون إلى أن وتيرة تدقيق تنزيل الإصلاح تحتاج إلى سرعة أكبر ومقاربة أعمق تراعي البعد المجالي والعدالة التربوية، معتبرين أن المجهودات التي بُذلت بدأت آثارها في الظهور من خلال ارتفاع أعداد المتمدرسين في التعليم العمومي بما يؤشر على استعادة ثقة الأسر، رغم استمرار بعض النقائص.
كما شددوا على ضرورة معالجة إشكالية اللاتمركز في قطاع التعليم وإشراك الجماعات الترابية في التدبير وتحمل المسؤولية وتفعيل بعد الجهوية المتقدمة في المجال التربوي، مع مراعاة خصوصيات الجهات والمناطق المختلفة في العملية التعليمية، مؤكدين أن ملف التربية والتعليم ملف عرضاني يهم كل مؤسسات الدولة والقوى الحية والمجتمع المدني.