أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بفتح بحث قضائي بشأن معطيات أثارها رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أحمد التويزي، حول خلط أو “طحن” الورق مع الدقيق المدعم. ويأتي القرار عقب الجدل الذي تسببت فيه تصريحات التويزي تحت قبة البرلمان خلال مناقشة مشروع قانون المالية، حين تحدث عن “شركات تطحن الأوراق فقط وتقدمها كقمح مدعم يستهلكه الفقراء”.
وبحسب المعطيات المتوفرة، كُلفت الجهات المختصة بجمع المعطيات والتدقيق في الوقائع المرتبطة بالتزود والإنتاج والتوزيع، واستنطاق الأطراف المعنية عند الاقتضاء، في أفق ترتيب الآثار القانونية اللازمة. ويشمل نطاق البحث مسالك التموين وآليات المراقبة والافتحاص، بالنظر إلى حساسية مادة الدقيق المدعم وارتباطها بالأمن الغذائي.
من جهته، تراجع التويزي عن الصيغة الحرفية لتصريحه الأول، موضحًا أن قصده بعبارة “طحن الورق عوض الدقيق” هو التنديد بما وصفه بـ“فساد يرتبط بتزوير الفواتير من طرف مطاحن تستفيد من الدعم العمومي”، والذي بلغ، وفق معطيات أوردها، 16.8 مليار درهم هذه السنة. واتهم “لوبي المطاحن” بإثارة “بوليميك” لصرف الأنظار عن شبهات التلاعب والريع، داعيًا إلى “معالجة الملف بجدية”.
وتؤكد مصادر قانونية أن فتح البحث القضائي لا يعني تبني الادعاءات أو إثباتها، بل يندرج في إطار اختبارها بالأدلة التقنية والمخبرية والمالية، مع افتراض البراءة لجميع الأطراف إلى حين صدور أحكام نهائية. كما يرتقب أن يشمل التقصي مسارات المراقبة من بابها الإداري (الترخيص، التتبع، المطابقة) والمالي (الدعم وآليات احتسابه) والجودة الصحية (الفحوص المخبرية)، لاسيما وأن أي إخلال محتمل قد يمس ثقة المستهلك وسلامته.
ويعيد هذا الملف إلى الواجهة مطلب تعزيز الشفافية في منظومة الدعم، وتشديد الرقابة السابقة واللاحقة على سلاسل التوريد والإنتاج والتوزيع، ونشر نتائج الاختبارات المخبرية وتقارير الافتحاص الدوري للرأي العام، بما يحفظ حقوق المستهلكين ومصداقية المتدخلين الاقتصاديين على حد سواء. وفي انتظار مآلات التحقيق، يبقى الرهان مؤسسًا على المعطيات العلمية والقرائن القانونية، بعيدًا عن الاتهامات المجردة أو التعميمات التي قد تسيء لقطاع حيوي ولسمعة الفاعلين فيه.
