يخلّد الشعب المغربي، الثلاثاء 18 نونبر 2025، الذكرى السبعين لعيد الاستقلال، وهي مناسبة تجسّد عمق الارتباط بين العرش العلوي والشعب المغربي في مسار نضالي طويل، انتهى بتحرير الوطن واستعادة سيادته ووضع أسس الدولة الحديثة. وتشكل هذه الذكرى محطة راسخة في الوجدان الوطني بما تحمله من دلالات سامية وقيم الوحدة والصمود والتلاحم.
ويستحضر المغاربة هذا الحدث الوطني البارز باعتباره من أقوى فصول المقاومة المغربية ضد الاستعمار، حيث أسهمت الحركة الوطنية منذ بداية الثلاثينيات في نشر الوعي السياسي وبناء خطاب وطني موحد والدفاع عن القضية المغربية في الداخل والخارج. وتوّج هذا المسار بالزيارة التاريخية لجلالة المغفور له محمد الخامس إلى طنجة سنة 1947 التي جسدت تمسك المغرب بوحدته وهويته.
ولم تُضعف إجراءات المستعمر من إرادة المغاربة، رغم نفي الملك وأسرته إلى كورسيكا ثم مدغشقر، بل زادتهم إصراراً على المقاومة، لتندلع انتفاضات شعبية عارمة في كل ربوع المملكة. ومن أبرز معالم هذا الكفاح البطولي معارك الهري وأنوال وبوغافر وجبل بادو وسيدي بوعثمان، إلى جانب مقاومة قبائل آيت باعمران وسكان الأقاليم الجنوبية.
وأشعل نفي الملك شرارة ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت 1953، التي أصبحت رمزاً لوحدة الأمة في مواجهة الاستعمار، قبل أن يعود جلالة المغفور له محمد الخامس إلى أرض الوطن يوم 18 نونبر 1955 معلناً نهاية عهد الحماية وبداية بناء الدولة المستقلة، في انتقال وطني وصفه بـ”الجهاد الأكبر”.
وتواصل هذا المسار مع جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني الذي قاد مراحل استكمال الوحدة الترابية، بدءاً باسترجاع سيدي إفني سنة 1969، وصولا إلى المسيرة الخضراء سنة 1975 التي أرست مغربية الصحراء. كما أطلق إصلاحات كبرى لبناء دولة المؤسسات وترسيخ الخيار الديمقراطي.
ويواصل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، هذا المسار نفسه، من خلال تعزيز النموذج التنموي، وتحديث البنيات التحتية، وحماية الوحدة الترابية، وضمان كرامة المواطن، وترسيخ قيم التضامن والعدالة الاجتماعية، انسجاماً مع رؤية استراتيجية تضع الإنسان في صلب السياسات العمومية.
وتتيح ذكرى عيد الاستقلال فرصة لاستحضار مسار أمة صاغت تاريخها بالتضحيات، وتستلهم منه قوة الاستمرار في بناء مستقبل يرسخ الوحدة الوطنية ويحافظ على المكتسبات الديمقراطية ويضمن تنمية شاملة ومستدامة.


التعاليق (0)