بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
في خطوة تعكس التزامًا استراتيجيًا بمكافحة الإرهاب ودعم ضحاياه، أعلن المغرب عن تنظيم أول مؤتمر إفريقي لضحايا الإرهاب، يومي 2 و3 ديسمبر المقبل بالرباط، بشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. هذا الحدث المرتقب، والذي وصفه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بأنه “منعطف في المقاربة الدولية لدعم الضحايا في القارة”، يفتح بابًا واسعًا أمام مساءلة ضمير العالم: من هم ضحايا الإرهاب في إفريقيا؟ وهل يتم الإنصات حقًا لكل الأصوات، بما في ذلك تلك القادمة من الصحراء المغربية؟
- مؤتمر أم مرآة لوضع مُهمّش؟
يرمي المؤتمر إلى إعطاء الكلمة للضحايا أنفسهم، وتسليط الضوء على معاناتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية، خصوصًا في ظل إحصائيات مقلقة تشير إلى أن إفريقيا تتحمل ما يقارب 60% من ضحايا الإرهاب عبر العالم. غير أن هذه الأرقام، على ضخامتها، تخفي وجهًا آخر لا يقل مأساوية: ضحايا الإرهاب في المغرب، وعلى رأسهم أولئك الذين سقطوا جراء هجمات أو اختطافات أو تصفيات نفذتها جبهة البوليساريو، سواء داخل التراب المغربي أو خارجه، خاصة في منطقة تندوف.
- ضحايا “بوليساريو”.. هل سيُسمع صوتهم أخيرًا؟
عشرات الأسر المغربية، من مدنيين وعسكريين، لا تزال تعاني من آثار مباشرة للإرهاب المرتبط بالانفصاليين منذ سبعينيات القرن الماضي. شهادات ناجين من الأسر أو عمليات الاختطاف والتعذيب في سجون تندوف تشهد على مآسٍ ممتدة، لم تلق إلى اليوم ما يكفي من الاعتراف الدولي، رغم أن بعضها موثق في تقارير منظمات دولية ومحلية.
هنا، يطرح التساؤل نفسه: هل سيتحول مؤتمر الرباط إلى منصة حقيقية لإعطاء هؤلاء الضحايا الكلمة؟ وإذا كان الهدف المعلن هو “تحديد الاحتياجات الأولوية وتقاسم الممارسات الفضلى في مجال الدعم”، فهل يمكن أن تشمل هذه الأولويات الاعتراف الرسمي بالضحايا المغاربة لإرهاب البوليساريو، وتوفير العدالة الانتقالية لهم؟
- المغرب ومقاربة شمولية
من خلال مبادراته الأخيرة، يبدو المغرب مصممًا على لعب دور ريادي في صياغة سياسة شاملة لمكافحة الإرهاب ترتكز على البُعد الإنساني وحقوق الضحايا. دعوة بوريطة إلى “آليات مؤسساتية مصممة للسياق الإفريقي” تعكس فهمًا عميقًا لخصوصيات المنطقة، حيث تختلط التهديدات الإرهابية بالنزاعات المسلحة والانفصالية، مثل حالة البوليساريو التي ما زالت تتغذى من الانفلات الأمني في الساحل والتمويلات المشبوهة.
- لا أمن دون إنصاف
مؤتمر الرباط ليس مجرد محطة ديبلوماسية، بل اختبار لصدق المجتمع الدولي في إنصاف كل الضحايا، دون انتقائية أو اعتبارات سياسية. إن التضامن الحقيقي، كما أشار الوزير المغربي، يجب أن يُترجم إلى مبادرات ملموسة، تبدأ بالاعتراف، ولا تنتهي عند التعويض والدعم النفسي والاجتماعي.
ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل سيكسر مؤتمر الرباط حاجز الصمت عن ضحايا ظلوا لعقود في الظل؟