بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
في وقت تتسابق فيه الدول الإفريقية للظفر بمكانة إقليمية في مجالات النقل، السياحة، واللوجستيك، يبرز المغرب كقوة ناعمة وفاعلة، تمتد تجربته إلى دول القارة التي باتت تنظر إليه ليس فقط كشريك اقتصادي، بل كنموذج يحتذى. اللقاء الذي جمع وزير السياحة والنقل بجمهورية الرأس الأخضر، خوسيه لويس سانوغييرا، بنظيره المغربي عبد الصمد قيوح، يوم الاثنين 22 شتنبر 2925 ليس،مجرد لقاء بروتوكولي، بل مؤشر واضح على “الموقع الجديد” الذي يحتله المغرب في الخريطة الإفريقية.
- الرهان على التجربة المغربية في الطيران
عندما يعرب وزير في حكومة الرأس الأخضر عن رغبة بلاده في الاستفادة من تجربة المغرب في الطيران، فإن في الأمر دلالة مزدوجة. أولاً، هناك اعتراف رسمي بتطور المملكة في هذا القطاع، وثانياً، هناك وعي إفريقي متزايد بأن المغرب تجاوز مرحلة الاكتفاء الداخلي، وأصبح مُصدِّراً للنماذج والتجارب.
منذ سنوات، استثمر المغرب بقوة في البنية التحتية للمطارات، تكوين الأطر، تطوير أسطول الخطوط الملكية المغربية، وتوقيع اتفاقيات الأجواء المفتوحة مع العديد من البلدان الأوروبية والإفريقية. وها هو اليوم، يحصد ثمار هذه الرؤية الاستراتيجية، حيث بات وجهة لا فقط للمسافرين، بل وللدول التي تسعى لتحديث قطاع الطيران لديها.
- السياحة والنقل: شراكة واعدة بين المغرب والرأس الأخضر
تصريحات المسؤولين من الجانبين عكست تقاطعات استراتيجية بين البلدين:
-الرأس الأخضر دولة جزرية تعتمد على الربط الجوي كوسيلة حيوية للتنقل والاقتصاد؛
-المغرب يمتلك خبرة قوية في التسيير اللوجستي، وتكوين الموارد البشرية في مجال الطيران؛
-السياحة في كلا البلدين قطاع أساسي، والمغرب يمكنه أن يكون محفزاً لتنمية هذا القطاع في الرأس الأخضر عبر شراكات استثمارية وتبادل للخبرات.
-البرمجة المنتظمة لرحلات جوية بين البلدين، وتكوين الربابنة من الرأس الأخضر في المغرب، ليست مجرد خطوات تقنية، بل هي تأسيس فعلي لتكامل اقتصادي وجيوستراتيجي أوسع.
- المغرب “راندافي” في كل المجالات؟
لم يعد من المبالغة القول إن المغرب بات “راندا” – بالمعنى المجازي – في عدد من القطاعات داخل القارة الإفريقية. فهو يحجز لنفسه مكانة مرموقة في:
-الطاقات المتجددة؛
-البنية التحتية واللوجستيك؛
-الأمن الغذائي والفلاحي؛
-التكوين المهني والتقني؛
-والآن الطيران والنقل الجوي.
وهذا التموقع لم يكن ليتحقق لولا دبلوماسية اقتصادية ذكية، وتحركات فعلية على الأرض من خلال المبادرات الملكية السامية، والاتفاقيات الثنائية، والانخراط النشط في تجمعات إقليمية كـ”سيدياو” و”الاتحاد الإفريقي”.
- بين التعاون الإفريقي وتحديات التموقع العالمي
يأتي هذا التقارب بين المغرب والرأس الأخضر في سياق تحولات جذرية يشهدها النظام الاقتصادي الإفريقي. فالقارة لم تعد مجرد سوق مستهلكة، بل أصبحت ساحة منافسة استراتيجية بين القوى الكبرى.
وفي ظل هذا المعطى، يقدم المغرب نفسه كفاعل إفريقي من داخل القارة، لا كوسيط خارجي، ويستثمر في منطق “رابح-رابح”، عبر نقل المعرفة، التكوين، وتوفير بنية تحتية لوجستيكية تتجاوز الحدود.
- خلاصة: من الشراكة إلى الريادة
الزيارة الأخيرة لوزير الرأس الأخضر، وإن بدت محدودة النطاق، تعكس عمق الحضور المغربي في القارة، واتساع رقعة الطلب على النموذج المغربي. من جنوب الصحراء إلى جزر الأطلسي، من الموانئ إلى المطارات، يخطو المغرب بثقة ليكون ليس فقط شريكاً لإفريقيا، بل رائداً فيها.
إنه مغرب جديد، بطموح إفريقي، وعين على الريادة.
الحاصول ….
إننا نقارع الكبار بثقة و اصرار
التعاليق (0)