اللبنة في اليد …و ليس كل طاه دبلوماسيا

أخبار وطنية

بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

مقاربة في الفرق بين الإبداع المغربي والتقليد الجزائري في فن الدبلوماسية.

يقال في المثل الشعبي: “اللَّبْنَة في اليد لي”، أي أن سرّ النجاح لا يكمن في المكونات بحد ذاتها، بل في اليد التي تصنع، وفي الذوق الذي يُبدع. ومثلما يقال في عالم المطبخ، يمكن إسقاط هذا المعنى على عالم السياسة والدبلوماسية، حيث يتجلى الفارق بين الابتكار الأصيل والتقليد الأعمى.
في السنوات الأخيرة، لوحظ أن الجزائر تحاول أن تسير على خطى المغرب في أكثر من مجال، سواء في السياسة الخارجية أو الاقتصاد السياحي أو حتى في المجال الثقافي والإعلامي. لكن، وكما يقول المثل، ليس كل من حمل نفس المكونات قادرًا على تحضير نفس الطبق. فالمغرب، بخبرته التاريخية وحنكته الدبلوماسية الممتدة لقرون، استطاع أن يُكسب حضوره طابعًا راقيًا ومتفردًا، يُشبه تلك اللمسة السحرية التي تجعل الطبق المغربي فريدًا في مذاقه بين مطابخ العالم.
أما محاولات التقليد، وإن كانت في ظاهرها سعيًا لمجاراة النجاح، فإنها في العمق تُظهر افتقارًا للرؤية المستقلة، وتحوّل الطموح إلى ردّ فعل بدل أن يكون مبادرة خلاقة. فالدبلوماسية ليست وصفة جاهزة يمكن نقلها من مطبخ إلى آخر، بل هي فن قائم على الذوق، والحنكة، والقدرة على قراءة المواقف، وهو ما تميز به المغرب في ملفات كبرى، من القضية الوطنية إلى العلاقات الإفريقية والأوروبية، مرورًا بدبلوماسية التنمية والاستثمار.
غير أن هذه المقارنة، في جوهرها، ليست من باب الاستهزاء أو الانتقاص من الجار الشقيق، بل هي ملاحظة تحليلية تندرج ضمن روح المنافسة الشريفة التي لا يضيرها الاختلاف في الأسلوب والرؤية. فالشعوب المغاربية، في النهاية، تجمعها أواصر التاريخ والدين والمصير المشترك. لكن ما يؤسف له هو أن نية النظام العسكري الجزائري كثيرًا ما تنحرف عن روح المنافسة النبيلة، لتتحول إلى هوس بإضعاف المغرب، لا لشيء إلا لأن الحسد يملأ القلوب حين يعجز التقليد عن بلوغ مستوى الإبداع. وكما يقول المثل المغربي الحكيم: “لبّس قْداك أو واتيك”، أي اعرف حدودك وقدراتك قبل أن تقلّد من هو أسبق منك تجربة وأعمق رؤية.
فالمغرب، في كل خطواته على الساحة الدولية، لا يسعى إلى استعراض أو خصام، بل إلى خدمة الإقليم المغاربي والبلدان الإفريقية، في إطار من التعاون والتكامل، مؤمنًا أن قوة المغرب لا تكتمل إلا بقوة جواره، وأن التنمية لا تعرف حدودًا إلا في عقول من لا يريدونها.
وفي الختام، نهمس بكل احترام في أذن النظام الجزائري ونقول:
إن المغرب حباه الله بنعمة قلّ نظيرها، هي الملكية الشريفة، التي جعلت من الاستقرار عنوانًا، ومن الوحدة قاعدة، ومن التوازن والشرعية سلاحًا ناعمًا يفتح الأبواب أمام الدبلوماسية الهادئة والبناءة. فالمُلك في المغرب ليس سلطة فحسب، بل هو ضمير أمة، وذاكرة تاريخ، وعهد بين الملك وشعبه على الثبات في وجه كل الرياح.
هيهات ثم هيهات أن يُجاري المقلِّد من صاغ وصفته بذكاء التجربة وصدق الهوية.