دخلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على خط الاختلالات التي شابت القروض الموجهة لبرنامجي “فرصة” و”انطلاقة”، اللذين يستهدفان تمويل المقاولات الصغيرة وحاملي المشاريع وكذا والشباب الباحث عن فرص التشغيل الذاتي.
وفي هذا السياق، تم فتح تحقيقات موسعة بشأن ارتفاع نسب تعثر القروض الممنوحة في إطار البرنامجين المذكورين، مع التركيز على وجود اختلالات وتجاوزات في إدارة هذه القروض، خاصة أنه تم تخصيص مبالغ ضخمة من ميزانية الدولة لدعم المشاريع الصغيرة وعدد من المبادرات الشبابية التي لم تسفر عن النتائج المرجوة منها.
وحسب ما ذكرته جريدة “الصباح” في عددها الصادر اليوم الأربعاء 24 شتنبر الجاري، فإن القروض المخصصة لبرنامج “انطلاقة” تتميز بميزة تفضيلية تتمثل في نسبة فائدة منخفضة حددت في 2% للمشاريع في المدن و1.75% للمشاريع في المناطق القروية، بالإضافة إلى أن الضمانات المطلوبة تتعلق فقط بالمشروع نفسه، مما قد يساهم في تحفيز العديد من الشباب والمقاولين للحصول على هذه التمويلات.
وعلى الرغم هذه التحفيزات المالية، نشأت شبكات غير قانونية تهدف إلى التلاعب بالتمويلات المدعومة من الدولة، حيث يتم التفاوض على القروض مقابل رشاوى أو التلاعب بالوثائق اللازمة، وهو ما أسفر عن ارتفاع عدد القروض المتعثرة عن السداد، والتي أثقلت كاهل العديد من المستفيدين.
وفيما يتعلق ببرنامج “فرصة”، الذي يهدف إلى تمويل مشاريع التشغيل الذاتي، تشير التحقيقات إلى غياب المواكبة الضرورية للمستفيدين، وهو ما أدى إلى فشل بعض المشاريع التي تتراوح قيمتها بين 50 ألف و100 ألف درهم، ما جعل أصحابها مهددين بالمساءلة القانونية بسبب عدم قدرتهم على سداد القروض.
وفي هذا السياق، صرح عبد الله فرعي، رئيس كونفدرالية المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، بأن مسؤولية تأخر صرف تمويلات “انطلاقة” وتنفيذ المشاريع تقع على عاتق عدد من الهيئات والمؤسسات المعنية، مثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمكتب المهني للتكوين المهني وإنعاش الشغل وفدرالية غرف الصناعة والتجارة والخدمات والمراكز الجهوية للاستثمار.
وأضاف فرعي أن هذه المؤسسات لم تلتزم بتعهداتها بتوفير المواكبة الفعالة للمستفيدين، مما أثر سلبا على استدامة المشاريع وتسبب في تعثر سداد القروض.
وإلى جانب ذلك، حمل فرعي مسؤولية الإخلال بالتعهدات لمراكز الحاضنات التي تم تشكيلها لدعم مشاريع “فرصة”، داعيا إلى ضرورة فتح تحقيقات حول دور هذه الحاضنات ومعايير اختيارها، مشددا على أن المبالغ المخصصة لهذه الحاضنات، والتي تجاوزت 500 مليون درهم، لم تساهم كما كان متوقعا في ضمان استمرارية المشاريع أو تقديم الدعم الفعلي للمستفيدين.
وتجدر الإشارة إلى أن التحقيقات التي تجريها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد تشمل جميع الأطراف المعنية بهذا الملف، بما في ذلك المسؤولين عن إدارة هذه القروض والأطر البنكية المشرفة على التأشير عليها.
وبهذا، تظل التساؤلات قائمة حول مدى فعالية هذه البرامج في تحقيق أهدافها، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها العديد من المقاولين الشباب، وهو ما يثير الحاجة إلى إعادة تقييم آليات وآثار هذه المبادرات التي يعلق عليها الكثيرون الأمل لتحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
التعاليق (0)