الذئب في ثياب الوسيط … مسرحية النزاع المفتعل التي لا تنتهي

أخبار وطنية

بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

خرج وزير الخارجية الجزائري أحمد عطّاف ليعلن، بابتسامة دبلوماسية، أن الجزائر مستعدة للقيام بـ“وساطة” في النزاع حول الصحراء. جملة جعلت الصحافيين يرفعون الحواجب وهم يتساءلون:
وساطة بين من ومن؟ أم بين الجزائر ونفسها التي صارت ضائعة في حيلة “لسنا طرفًا ولكننا الوسيط”؟
لنكن صريحين: المشكل لا يهم البوليساريو بقدر ما يهم الجزائر. الجبهة نفسها ليست سوى دمية صنعها النظام العسكري الجزائري، يحرّكها كيفما شاء منذ عقود، ويقرر لها “ماذا تقول ومتى تقول” في كل محفل دولي. فهل نحتاج حقًا إلى وساطة، أو هل يريد أحد فعلاً أن نصدق هذه المسرحية؟

  • قرار أممي جديد…و بداية إحياء الخطاب القديم

عطّاف اعتبر أن القرار 2797 لمجلس الأمن المتعلق بتمديد ولاية بعثة “المينورسو” نهاية الشهر الماضي هو تطور “مهم”. يا لها من حساسية: كل سنة هناك قرار جديد، وكل سنة يُقرأ على أنه انقلاب دراماتيكي في التاريخ، بينما الواقع أن المينورسو تمدد نفسها كل عام بنفس الطريقة الرتيبة، والجزائر تقرأه وكأنها حصلت على جائزة نوبل للسلام.

  • الجزائر: “لسنا طرفًا… فقط نملك كل البطاقات”

هنا تأتي المفارقة الساخرة: الجزائر تصرح أنها ليست طرفًا، لكنها تمثل، تموّل، تدافع، وتقرر نيابة عن البوليساريو. إنها مثل مشجع يصرخ في الملعب:
“أنا محايد… فقط أضغط على أزرار الفريقين من خلف الستار!”

وساطة؟ أم مسرحية دبلوماسية؟

الوساطة، إذا أخذناها حرفيًا، يجب أن تكون بين طرفين متنازعين. هنا البوليساريو مجرد دمية، المغرب واضح، والقرار بيد الجزائر. لذلك فإن كل حديث عن الوساطة أشبه بمحاولة الجزائر أن تُظهر للعالم أنها “حكم عادل” بينما هي من كتب نصف النص السينمائي، وصنعت معظم الديكور، وتحرك كل الممثلين.

  • مشهد سينمائي يُعاد عرضه كل سنة

تخيل إعلانًا سينمائيًا:

العنوان: “الجزائر: الوسيط الذي ليس طرفًا، والفيلم مستمر منذ خمسين عامًا”.
الحبكة: المغرب يتحدث بوضوح، البوليساريو تنتظر التعليمات، والجزائر تمسك العصا من منتصفها… وتصرّ على أنها محايدة.
النهاية: مؤجلة… حتى الموسم القادم.

  • الختام: القرار الأممي موجود… والخياد التام مطلوب

الحقيقة المرة للجزائر واضحة الآن أكثر من أي وقت: القرار الأممي 2797 موجود، والمينورسو ترعى الأمن، والأمم المتحدة أدرى بمصلحة الشعوب.
الوساطات الجزائرية لم تعد ضرورية، وكل ما يتبقى هو أن تحيد الجزائر تمامًا عن النزاع، وتترك للأمم المتحدة مجالها لتطبيق القرار، بينما ينتهي هذا الفصل الطويل من المسرحية السياسية التي تُعاد عرضها كل سنة… بنفس المشاهد، ونفس النصوص، ونفس النهاية المؤجلة منذ نصف قرن.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً