مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تعود إلى الواجهة قضية السلامة الغذائية، خصوصا في ظل انتشار صور ومقاطع فيديو لأطعمة فاسدة تداولها عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرا، أظهرت تجاوزات خطيرة في عدد من المطاعم ومحلات الوجبات السريعة.
وأثارت هذه المواد المصورة جدلا واسعا، فيما أطلقت نقاشا متجددا حول واقع حفظ الأغذية، خاصة في ظل غياب المراقبة الكافية والالتزام بمعايير السلامة الصحية، في الوقت الذي يؤكد فيه المختصون أن ضعف ثقافة السلامة الغذائية وتجاهل معايير التخزين يزيدان من تفاقم الظاهرة.
ويعد الصيف موسما حساسا تزيد فيه احتمالات التسممات الغذائية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر سلبا على سلامة المواد الغذائية، إضافة إلى سوء شروط الحفظ والتبريد في العديد من المطاعم المحلات.
في هذا الصدد، أوضح بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن أحد الإشكالات الأساسية في قطاع المطاعم هو سهولة الحصول على تراخيص فتح محلات الأكل، مشيرا إلى أن “العديد من التراخيص تمنح لأشخاص يفتقرون لأي تكوين أكاديمي أو تأهيل في مجال الصحة الغذائية، ما يجعلهم غير قادرين على احترام معايير النظافة والسلامة”.
وحمل الخراطي الزبائن جزءا من المسؤولية، داعيا إياهم إلى اليقظة واختيار المحلات التي تظهر احتراما واضحا لشروط النظافة، فيما أوصى بفحص “نظافة المراحيض كمؤشر على نظافة المطبخ، ومراقبة مظهر العاملين وطريقة تعاملهم مع الأغذية قبل اتخاذ قرار تناول الطعام”.
وفيما يخص الشكايات المنشورة على المنصات الرقمية، يرى المتحدث ذاته أنها “قد تساهم بالفعل في كشف بعض التجاوزات”، لكنها في الوقت نفسه تبقى أدوات غير منظمة وقد تستغل في التحريض أو التشهير أو حتى الابتزاز، خاصة عند نشر محتويات غير موثوقة أو مفبركة، ما قد يلحق أضرارا جسيمة ببعض المحلات دون وجه حق.
وفي المقابل، شدد الخراطي على ضرورة الإبلاغ الرسمي في حال اكتشاف منتجات غير صالحة للاستهلاك، وذلك عبر التواصل مع السلطات المختصة، أو جمعيات حماية المستهلك، أو الشرطة، أو الدرك الملكي، لتفادي الفوضى المعلوماتية على مواقع التواصل الاجتماعي.
من جانبهم، حذر عدد من الخبراء الصحيين من خطورة تكاثر البكتيريا في الأغذية بفعل حرارة فصل الصيف، ما يزيد من احتمالات الإصابة بالتسمم، مبرزين أن الصلصات المكشوفة، مثل “المايونيز” و”الكاتشب”، عندما توضع على الطاولات دون تبريد، تصبح مصدرا محتملا للبكتيريا.
وفي سياق متصل، نبه ذات الخبراء إلى ممارسات يومية خاطئة تؤدي إلى التسمم، من بينها غسل اللحوم والدجاج قبل الطهي بطريقة غير صحية، وعدم الفصل بين أدوات تقطيع اللحوم والخضر والفواكه، ما يُسهل انتقال البكتيريا من الأغذية النيئة إلى المواد الأخرى.
وتعد الفئات الهشة، مثل الأطفال والمسنين والمصابين بالأمراض المزمنة، الأكثر عرضة لمخاطر التسمم، بحسب الخبراء، نظرا لضعف جهازهم المناعي مقارنة بباقي الفئات.
وفي الأخير، نصح الخبراء عموم المستهلكين بالامتناع عن تناول الصلصات غير المحفوظة بطريقة مناسبة، والابتعاد عن الأطعمة غير المطهية جيدا، والحرص على اختيار المطاعم والمحلات التي تحترم شروط النظافة وتظهر مسؤولية واضحة في تقديم الطعام لزبنائها.