بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
مرة أخرى، خرجت جبهة البوليساريو ببيان رسمي، هذا البيان الذي لا يمكن تسميته إلا كُتيبًا للتنكر الدبلوماسي، تعلن فيه عن “مقترح لحل قضية الصحراء ” وكأن العالم كله نسي أن البوليساريو ليست إلا ذراع الجزائر الناطق الرسمي. نعم، كل تلك الكلمات عن “حق تقرير المصير” و“السلام والاستقرار الإقليمي” هي مجرد دخان لتغطية عجز نظام عسكري جزائري بدأ يشعر بأن العالم أدار ظهره له، وأن القضية المفتعلة ستصل إلى نهايتها قريبا ، ربما نهاية أكتوبر هذه السنة.
الجزء الأكثر كوميدية؟ تأكيد البوليساريو على الاستعداد للتفاوض مع المغرب “دون شروط مسبقة”. دعونا نترجمها: “الكرة في ملعبكم!”، بينما الحقيقة المرة هي أن الكرة لم تغادر يد الجزائر طوال نصف قرن، وكل المراسلات الدبلوماسية لم تؤدِّ سوى إلى زيادة أوراق الأمم المتحدة غبارًا على رفوفها.
الخطاب الرنان مليء بـ “الشرعية الدولية” و“التعاون الإقليمي” و“حسن الجوار”… كأن مجرد كتابتها سيحول الرمال الصحراوية إلى واحة سلم وسلام. البوليساريو تتحدث وكأنها قوة مستقلة، لكن كل كلمة فيها تصرخ: أنا مجرد بوق للنظام العسكري الجزائري الذي فقد كل مصداقية دولية.
ولا تنسَ النغمة الكلاسيكية التي تعيد رفض “الممارسات المغربية غير القانونية” وكأن ترديد هذه الجملة سيغيّر الواقع. الواقع على الأرض؟ “الشعب الصحراوي ” عالق بين المراسلات الطويلة وحلم السلام الذي لم يتحقق منذ عقود. الجزائر تمارس السينما السياسية، والبوليساريو تقف على المسرح وكأنها بطلة هذه المسرحية الفارغة، بينما الجمهور الدولي بدأ يغلق أعينه ويهمس: “كم عدد النسخ التي ستصدر قبل أن تدركوا أن المسرحية انتهت؟”
حتى دعوات التعاون الإقليمي و”العلاقات الطيبة بين الجيران” هي مجرد حلقة كوميدية من الخيال السياسي. المغرب والجزائر والمحيط المغاربي لن يصبحوا فجأة نموذجًا للتسامح لمجرد أن الجزائر كتبت خطابًا على الورق، ولا البوليساريو ستتحول إلى قوة مستقلة. كل هذا الكلام هو غطاء لعزلة جزائرية متصاعدة، وتحويل قضية انتهت صلاحيتها في العالم الحقيقي إلى مهرجان كلامي على الورق .
في نهاية المطاف، بيان البوليساريو الأخير هو أوضح مثال على السياسة الجزائرية: خطاب رنان على الورق، مهرجان من الشعارات الفارغة، وفشل ذريع في الواقع. وبين كل عبارة، يبقى السؤال الحارق: هل هناك أي رغبة حقيقية في حل النزاع المفتعل، أم أن كل هذا مجرد نسخة جديدة من المسرحية الدبلوماسية الجزائرية الطويلة؟ (popcorn) جاهز، والضحك أو الصراخ سيكون الإجابة الوحيدة التي يمكن تقديمها.
التعاليق (0)