البحر الموعود : حين يحلم النظام بأن يشرب من الأطلسي بكأس رملية

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

يبدو أن النظام العسكري الجزائري استيقظ مؤخرًا على حقيقة مؤلمة: العالم يتجه نحو الأطلسي، وهو ما زال عالقا في الصحراء، ينتظر “منفذًا بحريًا” كما ينتظر العطشان المطر في أغسطس!
منذ عقود، والنظام الجزائري يبيع للعالم قصة رومانسية عن “تقرير مصير الشعب الصحراوي”، لكن كلما اقتربنا من التفاصيل، نكتشف أن المسألة ليست حبًّا في الشعب ولا إيمانًا بالمبادئ، بل عشقٌ قديم للأطلسي… عشقٌ من طرف واحد طبعًا، لأن الأطلسي لم يردّ على الرسائل بعد.
النظام الجزائري اليوم لايريد دولة في الصحراء، بل شاطئًا في الصحراء!
يريد علَمًا يرفرف على الكثبان، وقنصليات فوق الرمال، فقط لتقول: “ها نحن قريبون من البحر!”.
لكن البحر، كعادته، لا يحب التمثيل السياسي الرديء، ولا يفتح ذراعيه إلا لمن يتقن فن الملاحة، لا فن الشعارات.
وفي الوقت الذي كان فيه المغرب يمد أنبوب الغاز إلى نيجيريا، ويفتح طريق الأطلسي أمام دول الساحل، كان هذا النظام يفتح “طريق العناد” نحو لا شيء.
بينما الآخرون يوقعون اتفاقيات، كان هو يوقع بيانات استنكار.
وبينما يُنجز الجيران مشاريع القرن، كان هو ينجز قصاصات البلاغات.
الآن، حين ترى مالي والنيجر وبوركينا فاسو و التشاد تتحدث عن منفذ أطلسي مغربي، يصاب النظام الجزائري بحساسية بحرية مفاجئة، ويبدأ في العطاس الدبلوماسي:
“آه لو كان لنا ميناء في
الداخلة!”
“آه لو كانت الرمال تُبحر!”
لكن هيهات… البحر لا يُشترى بالبيانات، ولا يُؤجَّر بشعارات الثورة، ولا يُقاس بالمسافات التي في الخريطة بل بالنيات التي في السياسة.
النظام الجزائري ، باختصار، يشبه طالبًا راسبًا في الجغرافيا يريد إعادة رسم القارة، حتى يمنح نفسه منفذًا على المحيط.
يعيش عقدة الأطلسي بكل تفاصيلها: يغار من الممر المغربي، يتحسس خريطتها كل صباح، ثم يصرخ: “أين البحر؟!”
وفي النهاية، لن يبقى للنظام الجزائري سوى أن يفتح “ميناءً رمليًا تجريبيًا” في تندوف، ويضع لافتة تقول:
“مرحبا بكم في المحيط
الأطلسي الجزائري :
الدخول بالرخصة و التخيل!”