بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
تواصل المملكة المغربية ترسيخ مكانتها كفاعل محوري في المنظومة الأمنية الإقليمية والدولية، وذلك بفضل الإصلاحات العميقة التي باشرتها في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، وما أفضت إليه من تطوير نوعي في أداء مؤسساتها الأمنية. وقد جاءت التصريحات الصادرة عن الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، السيد محمد بن علي كومان، على هامش الدورة الـ93 للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الأنتربول” المنعقدة بمراكش، لتؤكد هذا التقدير العربي والدولي المتزايد للتجربة المغربية.
- منظور أمني جديد: الأمن رافعة للتنمية
أبرز السيد كومان أن السياسة الأمنية في المغرب تجاوزت المقاربات التقليدية التي تركز على مكافحة الجريمة، لتتجه نحو رؤية شمولية تجعل من الأمن رافعة أساسية للتنمية. وتنسجم هذه الرؤية مع توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي تؤكد أن تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي يستلزم بيئة آمنة مستقرة. وفي هذا الإطار، أصبحت الممارسة الأمنية في المغرب قائمة على الانفتاح على المواطن، والتفاعل مع احتياجاته، وإشراكه في تعزيز الأمن الجماعي.
وتُعد تظاهرة الأيام المفتوحة للأمن الوطني إحدى أبرز تجليات هذا التوجه، إذ أسهمت في ترسيخ علاقة ثقة بين المواطن ورجل الأمن، وفي إبراز دور المؤسسة الأمنية كجهاز قريب من المجتمع، لا كهيئة منفصلة عنه.
- تكريمات دولية ودلالاتها الاستراتيجية
لم يقتصر الاعتراف الدولي بالتجربة الأمنية المغربية على الإشادة الخطابية، بل تجسد في مجموعة من التكريمات المرموقة التي حصل عليها المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف حموشي، من بينها:
-وسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى
-وسام الصليب الأكبر للاستحقاق للحرس المدني الإسباني
-فوز المغرب بمنصب نائب رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية عن قارة إفريقيا
وتُحيل هذه التكريمات على المكانة المتقدمة التي بلغتها القيادة الأمنية المغربية، وقدرتها على المزاوجة بين الفعالية الميدانية والالتزام بمعايير الحكامة الأمنية الحديثة.
- احتضان الدورة الـ93 للأنتربول: دلالة على الثقة الدولية
إن احتضان المملكة لأشغال هذا الحدث الدولي البارز، وبمشاركة وُصفت بأنها الأوسع من نوعها، يعكس الثقة التي تحظى بها التجربة المغربية في مجال الأمن. كما يتيح هذا اللقاء الدولي رفيع المستوى فرصة أمام مختلف الدول للاطلاع على نموذج المغرب القائم على تحديث الوسائل، وتطوير الكفاءات، واعتماد مقاربات استباقية في مواجهة التهديدات الأمنية.
- المغرب ودوره التاريخي في التعاون الأمني العربي
أكد السيد كومان أن المملكة المغربية تضطلع بدور أساسي في تعزيز التعاون الأمني العربي، وهو ما يتجسد في احتضانها لعدد من المؤسسات العربية المتخصصة، وعلى رأسها:
-المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة
-المكتب العربي للحماية المدنية وشؤون البيئة
ويأتي هذا الاحتضان منسجماً مع الرؤية الملكية التي تعتبر الأمن ممارسة شاملة تسهم في حماية المواطن، وفي دعم التنمية المستدامة، وفي مواجهة التحديات البيئية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من مفهوم الأمن الحديث.
- مرتكزات نجاح النموذج الأمني المغربي
يمكن رصد نجاح التجربة الأمنية المغربية عبر ثلاثة مرتكزات رئيسية:
- الرؤية الملكية المتبصرة التي أرست دعائم أمن حديث ومنفتح على محيطه.
- التحديث المستمر للمؤسسات الأمنية بما يشمل التأهيل البشري والتقنية المتقدمة.
- نهج القرب من المواطن الذي عزز الثقة المتبادلة ورفع منسوب الفعالية الميدانية.
- خاتمة
يتأكد من خلال المعطيات الراهنة أن المملكة المغربية استطاعت أن تتبوأ موقعاً متميزاً في الساحة الأمنية العربية والدولية، بفضل مقاربة شمولية ومتوازنة تجمع بين متطلبات الأمن وضرورات التنمية. كما أن احتضانها للمحافل الدولية، وتنامي الإشادة الخارجية بأدائها، يعكسان إدراك المجتمع الدولي لقيمة هذا النموذج وقدرته على الإسهام في تعزيز الأمن الإقليمي والعالمي.


التعاليق (0)