اختلالات المنظومة الصحية بإقليم أيت باها تجلب التنبيهات

أكادير والجهات

تعيش المنظومة الصحية بعدد من جماعات إقليم اشتوكة أيت باها على وقع اختلالات بنيوية عميقة، في مقدمتها الخصاص الحاد في الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية، ما حول الحق الدستوري في العلاج إلى معاناة يومية حقيقية لآلاف المواطنين، خصوصا بالمناطق الجبلية والهشة.

ويرتبط الإشكال الأعمق، حسب فاعلين جمعويين وحقوقيين، بندرة الأطباء وغيابهم شبه التام عن عدد من المراكز الصحية القروية، في وقت تعرف فيه المنطقة استقرارا سكانيا ملحوظا رغم تنامي الهجرة نحو المدن.

وأكد هؤلاء أن الساكنة التي اختارت البقاء في مناطقها الأصلية من حقها الاستفادة من خدمات صحية قريبة ومستدامة، معتبرين أن إغلاق المراكز الصحية فعليا بسبب غياب الأطر الطبية أمر غير مقبول.

وفي ظل هذا الواقع، طالبت فعاليات مدنية بتكريس مبدأ التمييز الإيجابي لفائدة المناطق الهشة والكثيفة سكانيا، عبر تعزيز العرض الصحي وتقريب الخدمات من المواطنين، بدل تركهم عرضة للتنقل القسري نحو المراكز الحضرية.

وأمام الخصاص المهول، اقترح السكان حلولا مرحلية من شأنها التخفيف من حدة الأزمة، من بينها تخصيص طبيب واحد على الأقل يحضر مرة كل أسبوع، أو اعتماد نظام تناوب بين الأطباء على مستوى كل قيادة، كإجراء استعجالي إلى حين إيجاد حلول جذرية.

ولا تتوقف آثار غياب الأطباء عند الجانب الصحي فقط، بل تمتد لتطال قطاع التعليم، حيث يضطر التلاميذ إلى التنقل نحو المدن القريبة لإجراء فحوصات طبية بسيطة أو الحصول على شواهد طبية ضرورية للولوج إلى دور الطالبة والطالب، ما يثقل كاهل الأسر ويؤثر على المسار الدراسي لأبنائها.

أما الصحة المدرسية، فتكاد تكون غائبة، في ظل تقلص الحملات الطبية بشكل مقلق، فضلا عن الصعوبات التي يواجهها الممرضون والممرضات حديثو التخرج في التأقلم مع طبيعة المنطقة الجبلية وظروفها اللوجستية القاسية.

أما المستشفى الإقليمي، فرغم كونه الحلقة الأساسية في المنظومة الصحية، إلا أنه يعاني بدوره من خصاص في عدد الأطباء والتخصصات الطبية، وفقا لذات الفاعلين، منبهين أيضا إلى ضعف التجهيزات والخدمات الاستشفائية، ما يدفع عددا كبيرا من المرضى إلى التوجه مباشرة نحو مستشفيات أكادير.

وفي هذا السياق، تجددت المطالب الداعية إلى تأهيل شامل للمنظومة الصحية بالإقليم، عبر تعزيز المستوصفات بالأطر الطبية والتمريضية والتجهيزات الضرورية، وإعادة الاعتبار للمستشفى الإقليمي من خلال دعمه بالتخصصات الطبية الأساسية وتحسين جودة خدماته.

ويرى المتتبعون أن ضمان الحق في الصحة لا يجب أن يبقى شعارا، بل التزاما فعليا يترجم على أرض الواقع، بما يكفل للمواطنين، خصوصا في المناطق الجبلية والهشة، الولوج إلى علاج كريم وفي ظروف إنسانية تحفظ كرامتهم وتستجيب لتطلعاتهم المشروعة.