إعلام تحت الصدمة: كيف يحوّل الإعلام العسكري الجزائري الهذيان إلى سياسة رسمية؟

خارج الحدود

بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

في زمن تطير فيه المعلومة كالصاروخ، ما زال الإعلام العسكري الجزائري الرسمي وبعض أبواقه المأجورة يصرّون على استخدام الحمير والبغال لنقل رسائلهم.
مرة يُعلنون وفاة أحد رموز المغرب ، ومرة أخرى يتهمون المغرب بزرع الغبار النووي في الريف، وفي الثالثة يرونه مسؤولًا عن تعطل مطبعة صحيفة في العاصمة!
الخيال واسع، والجهل أوسع، و”الإبداع التلفيقي” لا ينضب عندهم أبدًا.

  1. ماذا يستفيد هذا الإعلام المأجور من كل هذا الهذيان؟

دعونا نتكلم بصراحة:
هل يصدق الإعلام العسكري الجزائري نفسه حين يكتب هذه الخزعبلات؟
هل يعتقد أن الشعب الجزائري، الذي يعاني من انسداد سياسي واقتصادي وبطالة خانقة، ينتظر كل يوم خبراً عاجلاً عن المغرب لينام قرير العين؟
أم أن هؤلاء القوم وجدوا في “شتم المغرب” مصدر رزق، و”شغل يومي” يمارسونه كأنهم موظفون في قسم الإشاعات الدولية؟
لقد أصبح من الواضح أن لا أحد يستفيد من هذه الأكاذيب سوى كتائب “البروباغندا الرخيصة”، أولئك الذين يتقاضون أجورهم كلما نبحوا أكثر، وعلت أصواتهم على نغمة “المروك هو السبب”.
إن الهدف الحقيقي من هذا الهذيان الإعلامي لم يعد خفيًا:
إلهاء الشعب الجزائري وصرف أنظاره عن المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها البلاد، من انسداد سياسي، إلى أزمة سكن، إلى بطالة مزمنة، إلى قمع الحريات.
وحتى لا يسأل المواطن الجزائري: “أين تذهب ثروات بلادي؟”، يصيح الإعلام العسكري: “انظروا إلى المغرب!”.

  1. الأبواق المأجورة: النباح بوظيفة رسمية

عندما يخرج تقرير غبي من قناة رسمية، تخرج خلفه جوقة من الأصوات “المروضة”، تبدأ بالتهليل والتطبيل وكأنها انتصرت على جيوش الاحتلال، بينما كل ما قيل هو خبر كاذب سيفنده الواقع بعد دقائق.
لكن لا يهم!
الوظيفة ليست قول الحقيقة، بل رفع الصوت، شتم الجار، ثم انتظار “الترقية في الولاء”.
أصبح بعض هؤلاء “المحللين” مجرد دمى تحركها خيوط الأمن الإعلامي العسكري، يطلون على الشاشات بعيون منتفخة من قلة النوم، ليخبرونا أن المغرب وراء كل شيء، من انقطاع الكهرباء في قسنطينة إلى سقوط المطر في تمنراست!
إنهم أبواق مأجورة بلا خجل، وجدوا في “المروك فوبيا” مهنة، وفي الكذب سُلّمًا للظهور، وفي الإساءة جسرًا نحو الترقية.

  1. إعلام يعيش خارج الزمن

في عالم الصحافة، المصداقية هي رأس المال.
أما في إعلام الأشقاء في الجزائر، فالمعيار هو كمية الحقد التي تضخها في كل خبر.
تخيل إعلامًا لا ينام إلا بعد أن يختلق خبراً ضد المغرب.
هل هذه دولة أم جمعية كارهين؟
وما يزيد الطين بلّة أن هذه القنوات تكرر الكذبة نفسها كل شهر، كل أسبوع، بل كل يوم ،وكأن الجمهور يعاني من فقدان الذاكرة، أو كأن المغرب لا يملك مؤسسات تفند كل ذلك بالدليل.
ولعل نشر الفيديوهات المفبركة ونسبها للمغرب أصبح هواية إعلامية لدى بعض القنوات الجزائرية، في محاولة يائسة للتقليل من شأن المملكة، التي تشهد بإجماع دولي تقدمًا لافتًا في مجالات الأمن، التنمية، والدبلوماسية.

  1. إلى متى هذا العبث؟

الواقع أن هذه “الاستراتيجية الإعلامية” أشبه بمن يصر على ضرب الحائط برأسه وهو يعتقد أن الحائط سيتألم.
ما الذي جنته الجزائر رسميًا من هذا العداء الإعلامي؟
لا تطبيع علاقات، لا حل للنزاعات، لا نهضة مغاربية، لا تبادل اقتصادي، لا شيء… سوى الفشل، العزلة، والتراجع.
والمشكلة أن منسوب الكذب يرتفع مع كل أزمة داخلية.
كلما ضاقت السلطة، فتّشت عن “المروك” لتشتمه، كأن المغرب أصبح المخدر الإعلامي الرسمي الذي تلجأ إليه السلطة عندما تصاب بالصداع.
والأدهى أن الجزائر ما زالت تعيش عقدة اسمها “المغرب”.
عقدة لم يستطع الإعلام الرسمي التخلص منها، لا بالافتراء، ولا بالفبركة، ولا حتى بالتشويه المدفوع الأجر.

  • رأيي: آن لهذا العبث أن ينتهي

الإعلام الجزائري لا يمارس الصحافة، بل يمارس “التهريج الإخباري”، مدفوعًا بأوامر فوقية وخطاب فارغ.
ما يقومون به ليس “تغطية إعلامية”، بل “حفلات شتائم”، تتكرر بلا نتيجة، بلا هدف، بلا احترام حتى لعقل المتلقي.
أما الأبواق التي تلحق بهذا الخطاب فقد فقدت أي مصداقية، ولم تعد تُضحك أحدًا، بل تثير الشفقة أحيانًا، والاشمئزاز غالبًا.
إنهم مجرد موظفين في قسم “الكذب المركزي”، لا أكثر.

  • خاتمة:

في النهاية، من يكرر الكذبة كل يوم لا يربح شيئًا سوى احتقار الجمهور.
وإن كان الإعلام العسكري الجزائري قد اختار أن ينبح بدل أن يناقش، فذلك شأنه.
لكن الأكيد أن صوت النباح لا يغيّر من الحقيقة شيئًا، ولا يحجب نهوض المغرب، ولا يوقف عجلة التنمية.
فليواصلوا العبث… وسنواصل الضحك.

التعاليق (0)

التعاليق مغلقة.