هذا المقال من رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن توجه جريدة أكادير24 بأي شكل من الأشكال.

أيها الوزير وصفة الإعفاءات لا تعالج رداءة الخدمات الصحية بسوس

كُتّاب وآراء

من بين ايجابيات الوقفة الإحتجاجية قبالة مستشفى (الموت) بأكادير أنّها استطاعت ان تخرج وزير الصحة من صمته ولأول مرة بل تجعله يغادر مكتبه -مضطرّاً- وبسرعة لزيارة هذه المؤسسة الإستشفائية السيئة الذكر لدى ساكنة سوس وما بعدها في اتجاه الجنوب.. ليعبّر السيد الوزير في خرجته الإعلامية عن تضامنها المطلق مع ساكنة سوس وكأننا تعرّضنا لقدر إلهيّ فوق طاقتنا البشريّة..بدل ان يقدّم اعتذاره للساكنة عن صبرها وتحمّلها السيزيفي أعباء إختلالات الخدمات الصحية كما أقر بذلك الوزير نفسه.. ان يقدم تعازيه للعائلات المكلومة في زوجاتهم الحوامل..

ويعلن للجميع باعتباره الوزير الوصيّ على القطاع عقد اجتماع طارئ واستعجالي بمقر الولاية لبرمجة خارطة طريق محددة في الزمان والوسائل والمسؤوليات تلائم وتناسب حجم الوضع الكارثي الذي اخرج ساكنة أكادير وبتلك الكثافة المعتبرة..

وللأسف الشديد والمؤلم أن السيد الوزير الذي استقدم من عالم المال قرأ الوضع الاستشفائي بطريقة تقنيّة إدارية أراد أن يوهم الجميع بأن مصدر رداءة الخدمات الصحية راجعة بالأساس إلى تقاعس وتهاون المسؤولين إقليميا وجهويّا.. إلى جانب بعض الشركات المكلفة بالنظافة وصيانة التجهيزات..
هي نتائج الزيارة التي لاتحتاج في نظرنا إلى التنقل والترحال مع هذه الضجة الإعلامية المرافقة لخطوات وسكنات السيد الوزير..

فالوضع الإستشفائي بسوس يعاني من أزمة هيكلية لم تبدأ اليوم بل نتيجة تراكم سنوات العجاف الذي ضربت منطقة سوس جرّاء تأخرها في مواكبة أوراش التنمية إسوة مع بقية حواضر المغربية الكبرى.. وحتى لحظة اقتراح المشروع الملكي تأهيل حاضرة أكادير ونواحيها لم يطرح بالمرة ولو من باب الانتباه إلى الخدمات الصحية التي لم يعد مستشفى الحسن الثاني قادر على استيعابها وتلبية ضغط الإستقبال الرهيب على خدماته المطلوبة حتى لدى ساكنة طاطا كلميم طانطان وووو.. فكيف يعقل ان يتناوب أطباء على قاعتين للجراجة.. وأشياء أخرى
في خضم هذا الوضع طبيعي ان تظهر سلوكات ابتزازية مساوماتية حد التقزز كما يسمع هناك وهناك..

لذلك نؤكد ومن باب المعطيات المتوفرة والحديثة – القديمة كما في تقرير ما كينزي ان البناية الحالية للمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير متجاوزة مقارنة مع حجم الساكنة المضاعف خلال العشرين سنة الأخيرة.. واي حل دون إحداث مستشفيات إقليمية وبجميع التخصصات هو ترقيع على ترقيع..متسائلين في نفس الوقت لماذا لم يستطع السيد الوزير فتح المستشفى الجامعي في وجه المواطنين للاستشفاء وهو نفس السؤال المحير للسيد عزيز أخنوش بصفته رئيسا للجماعة الحضرية الغائب عن مواكبة هذه التعبيرات الإحتجاجية حول رداءة الخدمات داخل دائرته الترابية..
هي أسئلة لا يمكن السكوت عنها بهذه الإعفاءات التي تبين انها تدخل في إطار تبادل المدن بين شلة بشرية محظوظة فقط بمنطق الولاء الحزبي أكثر من أي شيء آخر.. حتى تحول مفهوم الإعفاء داخل هذا المنطق العائلي إلى حركة انتقالية فقط..
فالمدير الجديد الذي تم تعيينه بمستشفى الحسن الثاني كان مديرًا في مدينة الداخلة بعد إعفائه كمدير لمستشفى في مدينة أسفي
أما المديرة الجهوية المعفاة اليوم بأكادير قد تمّ إعفاؤها يوم 03 غشت 2022 بمراكش
وبعد اسبوعين انتقلت إلى أكادير في انتظار ربما الالتحاق بمدينة الداخلة
بل للوزير نفسه لم ينل قبعة الوزير إلاّ عبر قرابة من اهل الديار والقرار..

قمة العبث والسوريالية ان يصل بحكومة الدولة الإجتماعية الاستخفاف بصحة المواطن المغربي عبر إسناد مسؤوليات تدبيره جهويا ومركزيا لأشخاص منعدمي الكفاءة.. ومع ذلك يعاد تنصيبهم مرة أخرى وأخرى بأسلوب الضحك على ذقوننا عبر قرارات التي لن تعالج أبداً معاناة المرتفقين لهذه المؤسسة الإستشفائية..

لسنا عدميين حتى ننكر المجهودات الجبارة الهادفة إلى تجويد الخدمات الصحية ببلادنا.. لكن زيارة السيد وزير الصحة تعطى الإنطباع أننا بالفعل نسير بسرعتين داخل هذا الوطن من حيث فهم واستيعاب روح الثورة الإجتماعية الذي يقودها عاهل البلاد والتي تحتاج إلى كفاءات على رأس المسؤوليات الوطنية..
فهذا وطن..

وليس شركة عائلية خاصة.. نتبادل فيها الأدوار بين الأقارب والأحباب

يوسف غريب كاتب صحفي