علي بوراك -تيزنيت-
منطقة أيت براييم، الواقعة على بُعد حوالي 30 كيلومترًا جنوب شرق مدينة تيزنيت، وتجمع بين جماعتي بونعمان وسيدي بوعبدلي، تعد منبعًا أصيلًا وعريقًا لأحد أرقى أنواع النعناع في المغرب، لا يُذكَر النعناع المغربي دون أن يُشَار إلى أيت براييم، التي أصبحت اليوم تُلقب بحق بـ”عاصمة النعناع”، نظرًا لجودة منتوجها وخصوصيته التي لا تضاهى.
يتميّز نعناع أيت براييم بعطره الزكيّ الذي يفوح على بعد أمتار، وبنكهته المنعشة التي تمنح الشاي المغربي مذاقًا فريدًا لا يمكن مقارنته بأي نوع آخر، ليس مجرد مكوّن يُضاف إلى كأس الشاي، بل هو عنصر أساسي في طقوس الضيافة المغربية وموروث ثقافي تتوارثه الأجيال.
ورغم التحديات الطبيعية كشح المياه وصعوبة الظروف المناخية، يواصل الفلاحون المحليون زراعة هذا النبات العطري باستخدام طرق تقليدية دقيقة توارثوها عبر الأجيال، هذه التقنيات الأصيلة، المرتبطة بخبرة فلاحية متجذرة، تجعل من نعناع أيت براييم منتجًا استثنائيًا من حيث الجودة والخصائص العطرية.
تُعزى هذه الجودة أيضًا إلى خصوصية التربة والمناخ المحلي، مما يساهم في إنتاج نعناع غني بالزيوت الطيارة الطبيعية التي تمنحه طعمًا ورائحة مميزَين، ويُعتبر هذا النعناع ليس فقط منتجًا زراعيًا، بل رمزًا من رموز الهوية المحلية، وحلقة وصل بين الماضي والحاضر.
لقد تجاوز نعناع أيت براييم حدود الأسواق المحلية، وأصبح يُصدَّر ويُطلب بالاسم في مناطق عديدة داخل المغرب، ليبقى شاهدًا حيًّا على مهارة الفلاحين، وثراء الأرض، وعمق التراث المغربي الأصيل.
