بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية
احتضنت مدينة جنيف، على هامش الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان، ندوة رفيعة المستوى بعنوان “نحو تنمية بشرية مستدامة في إفريقيا: الإدماج الاجتماعي، الحد من أوجه عدم المساواة، وتعزيز وحماية الحق في التنمية”، وذلك بنادي الصحافة الدولي، بحضور واسع لممثلين عن منظمات المجتمع المدني، ومؤسسات إقليمية، وشركاء دوليين معنيين بقضايا التنمية وحقوق الإنسان في القارة الإفريقية.
- تشخيص الواقع واستشراف المستقبل
شكلت الندوة منصة متعددة الأطراف لمناقشة أبرز التحديات التي تعيق التنمية في إفريقيا، من فقر مزمن، وضعف في البنية التحتية، واتساع فجوات اللامساواة، إلى جانب التحديات المرتبطة بالحكم الرشيد والتمكين المجتمعي، خاصة في المناطق الأكثر هشاشة.
وفي هذا السياق، أجمعت المداخلات على أن تحقيق تنمية بشرية شاملة في إفريقيا يستلزم تبني مقاربات جديدة تضع الإنسان في صلب السياسات العمومية، وتعزز من مشاركة الفئات الهشة، لاسيما النساء والشباب، في اتخاذ القرار وبناء المستقبل.
- المغرب كنموذج: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
ضمن المحاور التطبيقية التي تم تسليط الضوء عليها خلال الفعالية، تم تقديم تجربة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المغرب كنموذج ناجح للممارسات الفضلى في شمال إفريقيا، حيث أبرز المتدخلون كيف ساهمت هذه المبادرة في تقليص نسب الفقر، وتعزيز فرص الإدماج الاقتصادي، وتحسين ولوج الفئات الهشة إلى التعليم والصحة والبنيات الأساسية.
وقد اعتُبر هذا النموذج مصدر إلهام يمكن تكييفه وتعميمه في سياقات إفريقية أخرى، وفق خصوصيات كل بلد على حدة، خاصة وأنه يرتكز على مقاربة تشاركية شاملة تضمن استدامة المشاريع وتفاعل المواطن مع محيطه المحلي.
- خارطة طريق نحو أجندة 2063
لم تغفل النقاشات الإطار الاستراتيجي القاري الذي تمثله أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، حيث جرى التأكيد على ضرورة تناغم المبادرات الوطنية والإقليمية مع هذه الرؤية الطموحة، لتحقيق قارة متحررة، مزدهرة، وتتمتع بمكانة مؤثرة على الساحة الدولية.
وفي هذا الإطار، قدّم المتحدثون مجموعة من التوصيات شملت:
تعزيز الشفافية والحكامة الجيدة في تدبير الموارد والسياسات التنموية.
توسيع الولوج إلى التعليم والرعاية الصحية، خاصة في المناطق القروية والفقيرة.
تمكين النساء والشباب من خلال دعم ريادة الأعمال والتمويل الموجه.
تعزيز البنية التحتية المستدامة، وخاصة في مجالات الطاقة، المياه، والنقل.
إرساء شراكات ذكية بين الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص لدعم التنمية الشاملة.
- خلاصة واستشراف
أكد المشاركون أن إفريقيا، رغم التحديات، تمتلك من الموارد والإمكانات البشرية ما يجعلها قادرة على تحقيق تحول تنموي حقيقي، شريطة الاستثمار في الإنسان، وضمان العدالة الاجتماعية، وتكريس الحق في التنمية كركيزة أساسية لأي مشروع مستقبلي.
وتأتي هذه الندوة في توقيت دقيق، يشهد فيه العالم تحولات جيوسياسية واقتصادية متسارعة، ما يستدعي من القارة الإفريقية التسلح برؤية استراتيجية، ومقاربات مبتكرة، تضمن لها موقعًا رياديًا في عالم الغد.