أكاديمية طنجة–تطوان–الحسيمة: المجلس الإداري يؤسس لإصلاح مستدام

أخبار وطنية

عمر أوزكان
إطار تربوي وناشط حقوقي

انعقدت يوم الإثنين 22 دجنبر 2025، بمقر عمالة إقليم تطوان، الدورة العادية للمجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة–تطوان–الحسيمة، برئاسة السيد محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وبحضور وازن لممثلي السلطات الترابية، والمنتخبين، وأعضاء المجلس الإداري، وشركاء المنظومة التربوية. وشكّلت هذه الدورة محطة محورية لتقييم حصيلة الإصلاحات الجهوية، وتسليط الضوء على الإنجازات المحققة، مع تعزيز ثقافة التدبير المرتكز على النتائج وربط السياسات العمومية بالأثر التربوي الفعلي على التلاميذ.

في كلمته الافتتاحية، شدّد السيد الوزير على أهمية هذه الدورة باعتبارها منصة للتواصل والتنسيق بين مختلف الفاعلين، داعيًا إلى تسريع تنزيل الأوراش الاستراتيجية، وتعزيز الانخراط الجماعي في تحقيق أهداف الإصلاح. كما نوّه بالمجهودات المبذولة من طرف نساء ورجال التعليم، مشيرًا إلى أن نجاح الإصلاح التربوي يقاس بمدى تحويل الرؤية الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة في الفصول الدراسية وفي جودة التعلمات.

مسار صاعد للتمدرس وانحسار الهدر المدرسي
قدمت مديرة الأكاديمية، الدكتورة وفاء شاكر، عرضًا مستفيضًا مدعومًا بالمؤشرات الرقمية، استعرضت خلاله تطور المؤشرات التربوية على الصعيد الجهوي، والحصيلة المرحلية لتنزيل خارطة الطريق 2022–2026، إلى جانب أولويات برنامج العمل الجهوي، ومشروع الميزانية ومخطط التكوين المستمر لسنة 2026، وتقرير الأداء لسنة 2025، والنظامين الداخليين للمجلس الإداري ولمؤسسات التربية والتعليم العمومي، المتضمنين “ميثاق التلميذ(ة)”.

وأبرز العرض المقدم تطورًا إيجابيًا ملحوظًا في مؤشرات التمدرس، حيث بلغت نسبة التمدرس بالسلك الثانوي الإعدادي 81,85%، بارتفاع 13,3 نقطة مقارنة بالموسم الدراسي 2022/2023، فيما ارتفعت نسبة التمدرس بالسلك الثانوي التأهيلي إلى 55,34%، بزيادة 18,2 نقطة. كما سجلت الجهة تراجعًا ملموسًا في معدل الهدر المدرسي من 11,42% إلى 8,5%، بفضل تفعيل خلايا اليقظة، والمواكبة التربوية المكثفة، والدعم الاجتماعي، خاصة في المناطق القروية والهشة.

 الدعم الاجتماعي والبنية المدرسية: استثمار ذكي في الاستقرار الدراسي

شكل الدعم الاجتماعي ركيزة أساسية في محاصرة الهدر المدرسي، حيث استفاد 22.746 تلميذًا من الإطعام المدرسي، و11.239 من خدمات الإيواء بالداخليات، و84.562 من النقل المدرسي، بنسبة إنجاز فاقت 103% من الأهداف المسطرة.

وعلى صعيد البنيات التحتية، أُحدثت 75 مؤسسة تعليمية جديدة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليصل مجموع المؤسسات التعليمية إلى 1.399 إضافة إلى 1.566 فرعية. وأسهم هذا التوسع في تقليص نسبة الأقسام المشتركة بالسلك الابتدائي إلى 18,32%، مع استمرار برمجة مشاريع توسعة وتأهيل خاصة بالمناطق القروية والجبلية. كما لم تعد الأقسام المكتظة بالسلك الابتدائي تمثل سوى 1,2% من مجموع الأقسام، فيما بلغ معدل الاكتظاظ 11,5% بالسلك الإعدادي و12,5% بالسلك الثانوي التأهيلي.

 مؤسسات الريادة: من التوسيع الكمي إلى التحكم في التعلمات

أظهر توسيع برنامج مؤسسات الريادة نجاحًا كبيرًا كرافعة للإصلاح التربوي، حيث بلغ عدد مؤسسات الريادة بالابتدائي 505 مؤسسة بنسبة 52% من مجموع المؤسسات، يستفيد منها أكثر من 212.000 تلميذ(ة)، فيما شمل البرنامج بالسلك الإعدادي 60 إعدادـية رائدة (25%)، يستفيد منها أزيد من 47.000 تلميذ(ة).

وسجلت هذه المؤسسات نسبة تحكم في التعلمات الأساسية بلغت 77% خلال الموسم الدراسي 2024/2025، مع طموح الوصول إلى 88% في أفق 2027، مما يعكس نجاح الأكاديمية في الجمع بين التوسع المدروس والتقييم المستمر لضمان جودة التعليم.

الحياة المدرسية والتحول الرقمي: مدرسة أكثر جاذبية

شهدت الحياة المدرسية والأنشطة الموازية دينامية متنامية، حيث استفاد 358.884 تلميذ(ة) من الأنشطة خلال الموسم الدراسي 2024/2025، بنسبة 47% من مجموع التلاميذ، مع إحداث 5.410 نادٍ تربوي نشط، بنسبة إنجاز فاقت 188% من الهدف المبرمج. وتسعى الأكاديمية إلى رفع نسبة المستفيدين إلى 58% خلال الموسم الحالي، و65% في أفق سنة 2027.

كما تم تجهيز 1.669 قاعة دراسية بمصلات ضوئية، وربط 308 مؤسسة بالماء والكهرباء والتطهير، وبناء 278 مرفقًا صحيًا، وتمكين 4.546 أستاذًة وأستاذ من حواسيب محمولة لدعم التحول الرقمي وتحسين جودة التعلمات.

حين تُترجم الحكامة إلى أثر تربوي ملموس

توّجت دورة المجلس الإداري بالمصادقة بالإجماع على مشاريع برنامج العمل لسنة 2026، والموازنة، ومخطط التكوين المستمر، وتقرير الأداء لسنة 2025، إضافة إلى توقيع ملاحق عقود نجاعة الأداء مع الوزارة، والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، والمديريات الإقليمية، واتفاقيات شراكة في مجالات التربية الدامجة، والصحة النفسية، ومدارس الفرصة الثانية، مما يعكس قدرة الأكاديمية على ترجمة السياسات العمومية إلى برامج عملية ذات أثر مباشر.

وتظهر المعطيات المقدمة أن هذا العمل لم يكن جزئيًا أو شكليًا، بل جاء نتيجة مجهودات كبيرة ومستمرة، تم خلالها ترجمة السيايات التعليمية، والتخطيط الجهوي إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع. فالتوسع في مؤسسات الريادة، وتحسين البنيات، وخفض الهدر المدرسي، وتفعيل الدعم الاجتماعي والتحول الرقمي، كلها إجراءات تم تنفيذها بإصرار ومتابعة دقيقة، ما جعل من أكاديمية طنجة–تطوان–الحسيمة نموذجًا للفعالية في التدبير المرتكز على النتائج.

حصيلة إيجابية تؤسس لمرحلة أكثر نضجًا في الإصلاح
تؤكد حصيلة أشغال المجلس الإداري أن الجهة تسير بخطى ثابتة نحو مدرسة عمومية ذات جودة، منصفة ودامجة، قادرة على الاستجابة لرهانات التنمية. فنجاح هذه الدورة لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تخطيط جهوي محكم، وربط واعٍ بين المؤشرات والأثر الميداني، مع ضمان استدامة المكتسبات عبر تعزيز الانخراط الجماعي والشراكات الاستراتيجية.