أكادير: نقابة الصحة بسوس ماسة تُحذر من “أكباش فداء” وتكشف أعطاب حكامة مستشفى الحسن الثاني بعد وفيات

أكادير والجهات

تعيش الجامعة الجهوية للصحة بجهة سوس ماسة حالة من القلق والترقب الشديدين على خلفية الأحداث المؤلمة التي هزّت مستشفى الحسن الثاني بأكادير، والتي أسفرت عن تسجيل وفيات بين المرتفقين، وما تبعها من قرارات توقيف لبعض الأطر الصحية. هذه التداعيات خلفت صدمة عميقة داخل الجسم الصحي والرأي العام الوطني، مما دفع الجامعة إلى إصدار بيان حازم يُحدد موقفها ويُشخّص الأزمة.

في مستهل بيانها، الذي توصلت أكادير 24 بنسخة منه، أعربت الجامعة عن أسفها العميق لفقدان الأرواح، مؤكدة تضامنها الكامل مع أسر الضحايا. لكنها شددت فوراً على أن معالجة الأزمة يجب أن تبدأ بالكشف عن الحقيقة وتحسين المنظومة الصحية لضمان عدم تكرار المآسي مستقبلاً.

كما طالبت الجامعة بإجراء تحقيق شامل وشفاف لا يقتصر على الأطر الميدانية، بل يشمل جميع مستويات الحكامة والتسيير. هذا التحقيق يجب أن يربط المسؤولية بالمحاسبة بمنطق منصف وعادل وبعيداً عن أي انتقائية أو محاباة، بهدف أساسي هو إعادة الثقة للمرتفقين والمهنيين على حدٍ سواء.

و أعلنت الجامعة رفضها القاطع للمقاربة التي تحوّل الأطر الميدانية إلى كباش فداء لفشل أعمق. وأكدت أن اختلالات المنظومة الصحية بمستشفى الحسن الثاني “أعمق وأكبر من أن تُختزل في مسؤوليات فردية”، وأن المعالجة المطلوبة يجب أن تكون شاملة وجذرية.

وشددت الجامعة على أن جوهر الأزمة يكمن في أعطاب الحكامة والتدبير البنيوية، وليس في أداء الموظفين المباشرين. ووجهت انتقاداً لاذعاً لـ “الانتقائية” في تعليق شماعة الفشل الإداري والتدبيري على المصالح اللاممركزة فقط.

و كشف بيان الجامعة عن نقطتين بنيويتين تساهمان في تأزيم الوضع، الأولى، استنكار الازدواجية المؤسسية والهيكلية، حيث يعمل المركز الاستشفائي الجامعي والمستشفى الجهوي ضمن منظومة “غير متناسقة”. هذا التداخل المستمر في المسؤوليات وصعوبة التنسيق يتطلب وضع آليات واضحة لإدارة المهام وتقاسمها لحماية الموظفين والمرتفقين. و الثانية، ضعف الحكامة البنيوية، حيث أن المستشفى يستقبل حالات من جهة سوس ماسة والمناطق الجنوبية منذ عقود، دون مواكبة بـ آليات تسيير حديثة أو رؤية استراتيجية واضحة، رغم الإنفاق المتكرر على الإصلاحات.

كما أشارت الجامعة إلى الضغط الميداني الكبير على الطاقات الصحية، مما يؤدي إلى إنهاك الموظفين ويؤثر سلباً على جودة الخدمات، مطالبة بضرورة وضع نظام فعال لإدارة الإحالات وضبط التدفقات البشرية.
و في موقف داعم للموقوفين، شددت الجامعة على التشبث بحق الموقوفين في الدفاع عن أنفسهم وضمان كل شروط المحاكمة العادلة، رافضة إصدار أي أحكام مسبقة أو متسرعة، و المطالبة بحماية الأطر الصحية من كل أشكال الضغط غير المنصف وضمان حقوقهم القانونية والمهنية، مع استنكار القرار القاضي بتعليق العطل السنوية، معتبرة أنه “سيزيد الاحتقان بدل أن تعالج الإدارة كل حالة على حدة”.

وختاماً، أكدت الجامعة الجهوية للصحة بسوس ماسة أنها تضع نفسها في حالة تعبئة ويقظة قصوى لمواكبة الملف والدفاع عن الشغيلة بكل الوسائل القانونية والنقابية المشروعة، مؤكدة ضرورة إصلاح شامل للمنظومة الصحية يضمن بيئة عمل آمنة وكريمة وجودة خدمات للمواطنين.