دقت الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين والمخدرات الأخرى بالمغرب، ناقوس الخطر بشأن انتشار السجائر الإلكترونية في صفوف الأطفال والمراهقين.
ويتعلق الأمر بإدمان السيجارة الإلكترونية على وجه التحديد، فبحسب دراسة نقلت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تفاصيلها، فإن السيجارة الإلكترونية هي الأكثر استخداما مقارنة بالسجائر العادية بين 15-17 سنة لكلا الجنسين، إذ إن حوالي 7,7 في المائة استخدموها قبل سن العاشرة، و9,6 في المائة حصلوا عليها بين 10 و12 سنة، ثم 23.4 في المائة بين 13 و14 عاما، مقابل 60 في المائة عند 15 عاما وأكثر.
في هذا السياق، كشفت الجمعية على لسان رئيسها الحسن البغدادي أن الانتشار الواسع لنقاط بيع السيجارة الإلكترونية مؤخرا عبر تراب المملكة راجع أساسا إلى “استراتيجية تسويقية محكمة من طرف لوبي إنتاج وبيع وترويج هذه السلعة القاتلة والمدمرة كما يقر بذلك صانعوها”.
وأوضح البغدادي أن “الأهداف المعلنة وراء حملة الترويج للسيجارة الإلكترونية تصب في مجملها في مساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين بطريقة ميسرة، لكن هذه الخدعة لا يمكن أن تنطلي على أحد، لأنه وبكل بساطة لو كانت مصلحة المدخنين تشغل فعلا بال لوبي تجارة السجائر لما تم الترويج لها أصلا، ولما احتجنا إلى البحث عن البدائل”.
وأكد ذات المتحدث أن “الأبحاث التي أجريت حتى الآن لم تتمكن من التحقق من الهدف الذي صممت من أجله السيجارة الإلكترونية كما ادعى المسوقون، كما لم يتم حتى اللحظة إثبات عدم سُمِّيتها”، مشيرا إلى أن “الأمر المؤكد هو ضمان الاستمرار في الإدمان ما دامت السيجارة الإلكترونية تحتوي على مادة النيكوتين ذات الخاصية والطبيعة الإدمانية”.
وفي سياق متصل، اعتبر البغدادي أن “الأهداف الأصيلة لهذا المشروع المتجدد هي التطبيع النهائي مع السيجارة، وجعلها متصالحة مع موروثنا الثقافي والاجتماعي، وتحقيق الانتصار على الأصوات المطالبة بنبذ ومحاصرة سلوك التدخين داخل المجتمع المدني”.
ونبه الفاعل الجمعوي إلى أن “من شأن التمادي في صم الآذان عن هذه الظاهرة ونهج سياسة الهروب إلى الأمام أن يوقع بأكبر عدد ممكن من الضحايا، حتى تصل الأمور إلى استنزاف المقدرات الأساسية للوطن المتمثلة في شبابها”.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب، كان قد أكد أن الوقاية من تدخين النيكوتين بشكل عام والسيجارة الإلكترونية بشكل خاص بين فئات الأطفال المراهقين والشباب، تعتبر من ضمن قائمة أولويات وزارته.
وفي رده على سؤال كتابي للمجموعة النيابية للعدالة والتنمية،أكد أيت الطالب أن هذه السيجارة “تولد مواد سامة، ومن المعروف أن بعضها يسبب السرطان أو يزيد من خطر الإصابة بمشاكل في القلب والرئة”، مسجلا أن “منظمة الصحة العالمية
تؤكد أن استخدام السجائر الإلكترونية يمكن أن يؤثر على نمو الدماغ ويؤدي إلى صعوبات التعلم لدى الشباب”.
هذا، واتخذت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية جملة من التدابير الوقائية لمواجهة خطر استخدام السجائر الإلكترونية في صفوف التلاميذ، حيث عملت منذ أن تم دق ناقوس الخطر بشأنها من طرف منظمة الصحة العالمية في 2021 على إرساء استراتيجية شاملة ومتكاملة تجاوبا مع توصيات وكالات الأمم المتحدة في هذا المجال.
وإلى جانب ذلك، تعمل الوزارة على توفير الرعاية والخدمات الصحية من أجل الوقاية الشاملة من تدخين النيكوتين والسجائر الإلكترونية لدى فئة الأطفال والمراهقين والشباب، وتوفير العلاج الطبي والنفسي، والحد من المخاطر المرتبطة بتدخينها.
وبخصوص البعد الوقائي والعلاجي، أشار أيت الطالب إلى اعتماد البرنامج الوطني للصحة المدرسية والجامعية والاستراتيجية الوطنية لصحة اليافعين والشباب 2030-2022، من أجل الوقاية وتحسين الولوج للعلاج من الإدمان على النيكوتين والسجائر الإلكترونية وتوفير فضاءات صحة الشباب ومراكز الصحة الجامعية، إلى جانب خلايا الإنصات والتوجيه والدعم النفسي وخدمات الاستشارة في علم النفس والاستشارة للإقلاع عن تدخين النيكوتين والسجائر الإلكترونية.
وخلص المسؤول الحكومي إلى التأكيد على أن مجمل التدابير التي هي في طور التنزيل حاليا أو المزمع اتخاذها من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تتماشى أيضا مع التوجيهات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية.