الجريدة الإلكترونية الأولى في الجنوب

أية حماية للصحفيين في القانون الدولي ، أحداث غزة نمودجا.

أكادير24 | Agadir24

 

سيقتصر موضوعنا عزيزي المتلقي ، على سؤال الحماية التي يوفرها القانون الدولي لما يتعرض له الصحفيون في أزمنة الحرب ، ومختلف النزاعات المسلحة ، بالنظر لأحداث غزة واستهداف الصحفيين والمبعوتيين الإعلاميين ، و خطرالمحقق ومحدق بحياتهم وسلامتهم، والذي تجاوزهم الى استهداف مساكنهم الخاصة وأفراد أسرهم .

ودون الخوض فيما يقع في مناطق مختلفة من العالم ، من إستهداف للصحفيين بسبب فضحهم للفساد أوكشف لمعلومات عالية السرية ، يصل في بعض الأحيان ، إلى تصفيتهم جسديا وتعذيبهم وإساءة معاملتهم وترهيبهم ونقلهم قسرا والتنكيل بهم أثناء مزاولتهم لمهامهم .

بل سينحصر موضوعنا الحالي، على الإطار القانوني الدولي الذي يحميي الفئة الاولى أعلاه ، من انتهاكات بمناسبة عملها المباشر في نقل ويلات الحرب وما يترتب عنها من آلام ومجازر وخراب إلى الرأي العام المحلي والإقليمي و الدولي.

ومن الاحداث الدولية غير المسبوقة ، و التي عرفت قتل الصحفيين والمساس بسلامتهم الجسدية وترويعهم ، نجد ما وقع في أحداث غزة الأخيرة، التي راح ضحيتها الكثير من الصحفيين يزيد عددهم عن 27 صحفيا ، أمر أكدته منظمة مراسلون بلا حدود حين صرحت بأن 34 صحفيا قتلوا منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس بغزة ، وأن 12 منهم على الأقل قتلوا خلال تغطيتهم لأحداث الحرب.

وأمام هذا الوضع، استأثر اهتمامنا بسؤال مركزي ، حول مدى وجود حماية دولية للصحفيين أثناء النزاعات المسلحة؟

إن محاولة الإجابة عن هذا السؤال يعود بنا إلى السبعينيات من القرن الماضي ، حينها دار نقاش مستفيض في أروقة الأمم المتحدة حول مدى إمكانية ابرام معاهدة دولية خاصة بالصحفيين، ونتيجة للاختلافات الأيديولوجية والسياسية التي عرفها العالم آنذاك بسبب الحرب الباردة ، والتي قسمت العالم إلى معسكرين، معسكر غربي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية، ومعسكر شرقي يتزعمه الاتحاد السوفياتي، انقسم الراي بين مؤيد لفكرة ابرام معاهدة دولية تخص الصحفيين، وبين معارض لها، لعدة أسباب لا يتسع المقال لذكرها.

وبعد مناقشات طويلة دامت لأكثر من 5 سنوات، استقر الرأي في أروقة الأمم المتحدة على عدم وجود جدوى من ابرام معاهدة دولية خاصة بالصحفيين لتعذر الوصول إلى حل توافقي مرضي بين الطرفين.

وجراء هذا الوضع، أحالت هيئة الأمم المتحدة مسألة الحماية الدولية للصحفيين على المؤتمر الدبلوماسي في جنيف، وتم التوافق على صياغة المادة 79 من البرتوكول الأول الملحق بمعاهدات جنيف، من اجل توفير حماية دولية للصحفيين اثناء النزاعات المسلحة.

وعليه جاءت المادة 79 أعلاه للتنصيص على أنه:

1- يعد الصحفيون الذين يباشرون مهمات مهنية خطرة في مناطق المنازعات المسلحة أشخاصاً مدنيين ضمن منطوق الفقرة الأولى من المادة 50.
2- يجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات وهذا اللحق “البروتوكول” شريطة ألا يقوموا بأي عمل يسيء إلى وضعهم كأشخاص مدنيين وذلك دون الإخلال بحق المراسلين الحربيين المعتمدين لدى القوات المسلحة في الاستفادة من الوضع المنصوص عليه في المادة 4 (أ – 4) من الاتفاقية الثالثة.
3- يجوز لهم الحصول على بطاقة هوية وفقاً للنموذج المرفق بالملحق رقم (2) لهذا اللحق “البروتوكول”.

وتصدر هذه البطاقة، حكومة الدولة التي يكون الصحفي من رعاياها، أو التي يقيم فيها، أو التي يقع فيها جهاز الأنباء الذي يستخدمه، وتشهد على صفته كصحفي.
وتحليلا لمقتضيات هذه المادة الفريدة في حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة في القانون الدولي الإنساني نجد على أنها لا تقدم حماية كافية للصحفيين العاملين في مناطق الصراعات المسلحة، فهي لا تضيف جديدا لمهنة الصحفيين، مادامت المادة أعلاه تصفهم وتصبغ عليهم الحماية الخاصة التي يتمتع بها المدنيين، خاصة وأن ما يتعرض له الصحفيون أثناء النزاعات المسلحة أشد مما يتعرض له المدنيون.

وتأسيسا على ذلك، أصدر مجلس الأمن قرا رقم 2222 حت فيه على ضرورة حماية الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بهم الدين يغطون مجريات النزاع كمدنيين، ويشير القرار أيضا إلى أن المعدات والمكاتب والاستديوهات هي أصول مدنية وليست أصولا أو ممتلكات عسكرية، ومن تم يجب ألا تكون هدفا لهجمات مسلحة.

وبالعودة إلى أحداث غزة، بعث الجيش الإسرائيلي تصريحا إلى وكالتي أنباء دولية رويترز، ووكالة الأنباء الفرنسية مفاده أن الجيش الاسرائيلي لا يمكنه ضمان سلامة الصحفيين العاملين في غزة.

وهذا ما جعل الاتحاد الدولي للصحفيين يصرح بضرورة احترام المادة 79 المشار إليه أعلاه التي يعتبر انتهاكها جريمة حرب .

وقد أعلن أنتوني بيلانجر، الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين على ضرورة احترام القانون الدولي، بغض النظر عن كون طبيعة النزاع المسلح وخطورته، ودعا إلى أنه من غير المقبول على الاطلاق أن تعفي الحكومة الإسرائيلية نفسها من مسئولياتها اتجاه ما يحدث خرقا للقانون الدولي الإنساني، خاصة وأن كل فرد له الحق بموجب المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الوصول إلى المعلومات والأفكار. وهو ما يتماشى مع تصريحات المقررة الخاصة للأمم المتحدة السيدة ايرين خان الخبيرة المكلفة بالدفاع عن الصحفيين في أروقة الأمم المتحدة، التي دعت إلى حماية الصحفيين في قطاع غزة وضمان سلامتهم في وجه الانتهاكات التي يتعرضون لها، وإعرابها عن تضامنها المطلق مع الصحفيين في غزة، مشيرة في نفس الوقت إلى كون مهنة الصحافة قد أصبحت من المهن الأكثر خطورة في العالم.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.