السعار في المغرب يثير القلق: 20 إلى 30 وفاة سنويا، وحمضي يوضح

مجتمع

أثارت الأرقام التي كشفت عنها وزارة الداخلية مؤخرا بخصوص داء السعار في المغرب قلقا واسعا في صفوف المواطنين، بعدما أكدت أن المرض ما زال يحصد سنويا ما بين عشرين وثلاثين وفاة بشرية، إلى جانب تسجيل مئات الإصابات في صفوف الحيوانات، أغلبها كلاب ضالة.

وأعادت هذه المعطيات إحياء النقاش حول نجاعة المقاربة المعتمدة في تدبير ملف الكلاب الضالة، خصوصا أمام تنامي الظاهرة في المدن والقرى على حد سواء، وما يرافقها من مخاطر صحية وأمنية.

وفي ذات السياق، تعالت أصوات الفعاليات والجمعيات المهتمة بالموضوع، متسائلة عن مدى فعالية حملات الإعدام التي تنفذها بعض الجماعات، مقابل الدعوة إلى اعتماد حلول أكثر استدامة وإنسانية تقوم على التلقيح والتعقيم والمراقبة المنتظمة.

وتفاعلا مع الموضوع، أوضح الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أن الوضع في المغرب، مقارنة بالمعدل الإفريقي والعالمي، “أفضل بكثير”، حيث يسجل عالميا حوالي 70 ألف وفاة سنويا، من بينها 20 ألفا في إفريقيا وحدها.

ورغم هذا التفوق النسبي، شدد حمضي على أن المعيار الحقيقي للمقارنة ليس القارة الإفريقية، بل الدول المتقدمة التي نجحت في القضاء شبه التام على داء السعار، إذ تسجل أوروبا حالات نادرة جدا، بينما لا تتجاوز الإصابات في الولايات المتحدة حالتين أو ثلاث سنويا، وترتبط أساسا بالخفافيش وليس بالكلاب.

وأوضح الطبيب أن خطورة السعار لا تكمن في انتشاره الواسع، بل في نسبة الوفاة المرتفعة التي تصل إلى 99% بمجرد ظهور الأعراض، في حين يمكن الوقاية منه بالكامل عبر التوجه الفوري إلى مركز صحي لتلقي اللقاح المضاد بعد أي عضة أو تماس مع لعاب حيوان.

وأشار حمضي إلى أن 95% من حالات السعار مصدرها الكلاب، تليها القطط بنسبة أقل، وهو ما يجعل تلقيح الحيوانات، بما فيها المنزلية، جزءا أساسيا من أي استراتيجية صحية فعالة.

وخلص ذات المتحدث إلى أن التلقيح المنتظم للكلاب والقطط، وليس إعدامها، هو الحل الأنجع للحد من انتشار المرض، مؤكدا أن القضاء على الخطر لا يتحقق إلا عبر الوقاية المنظمة والمستمرة.

وكانت وزارة الداخلية قد كشفت ضمن حصيلة عملها لسنة 2025 أن الكلاب والقطط الضالة تشكل خطرا على صحة وسلامة المواطنين، لما يمكن أن تسببه من أمراض معدية، إلى جانب تأثيراتها السلبية على محيط العيش وجودة الحياة.

وأكدت الوزارة أنها تعمل بتنسيق مع القطاعات المعنية على التصدي لهذه الظاهرة من خلال مقاربة جديدة ترتكز على تعقيم هذه الحيوانات للحد من تكاثرها، وتلقيحها ضد داء السعار، ثم ترقيمها وإعادتها إلى بيئتها الأصلية، بما يتيح التحكم في أعدادها واستقرارها بشكل تدريجي.

وأضافت الوزارة أنه تم، خلال السنة الجارية، رصد غلاف مالي قدره 38 مليون درهم لدعم الجماعات الترابية في بناء وتجهيز محاجز للحيوانات وتنفيذ عمليات التعقيم والتلقيح، إلى جانب اقتناء معدات وآليات لجمع الكلاب الضالة بطريقة إنسانية وآمنة.

ومع اقتراب المملكة من تنظيم تظاهرات دولية كبرى، تزداد أهمية هذه الإجراءات، ذلك أن الحاجة إلى القضاء على داء السعار لا تقتصر على حماية الأرواح فقط، بل تمتد أيضا إلى صون صورة المغرب كوجهة سياحية آمنة تحترم المعايير الصحية والإنسانية، وتعكس التزامه بممارسات حضارية في التعامل مع الحيوانات والمجال العام.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً