علماء أستراليون يكشفون عاملًا بيئيًا مفاجئًا يُضاعف خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني

الصحة

كشفت دراسة أسترالية حديثة عن عامل بيئي غير متوقع يضاعف خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، ويتعلق الأمر بالتعرّض للضوء الساطع أثناء الليل، وذلك في تحول كبير في فهم أسباب هذا المرض المزمن الذي يطال ملايين الأشخاص حول العالم.

الدراسة، التي أجراها فريق بحثي من جامعة فليندرز (Flinders University) بجنوب أستراليا، اعتمدت على تحليل بيانات أكثر من 85 ألف شخص، وقراءة 13 مليون ساعة من بيانات استشعار الضوء عبر أجهزة المعصم الذكية. وتبيّن أن التعرّض للضوء الصناعي الساطع بين منتصف الليل والساعة السادسة صباحًا يزيد بشكل واضح من احتمالات الإصابة بداء السكري، حتى بعد ضبط العوامل التقليدية مثل الوزن والنظام الغذائي والنشاط البدني.

ونُشرت هذه النتائج اللافتة في مجلة The Lancet Regional Health – Europe، حيث فسّر الباحثون أن التعرّض الليلي للضوء يُخلّ بتوازن الساعة البيولوجية للجسم، ما يؤثر مباشرة على إفراز الإنسولين وتنظيم مستويات الغلوكوز في الدم، ويزيد بالتالي من احتمال الإصابة بالسكري من النوع الثاني.

ما يجعل هذا الاكتشاف مفاجئًا هو أن أغلب الدراسات السابقة ركزت على عوامل معروفة مثل السمنة، قلة الحركة، والتغذية الغنية بالسكريات. أما هذه الدراسة، فسلطت الضوء على عامل بيئي يبدو بريئًا، وهو الإضاءة الليلية، لتكشف أن نمط الحياة الليلي قد يكون خطرًا خفيًا مهددًا للصحة العامة.

ولا يقف الأمر عند الإضاءة الليلية فقط، بل أبرزت دراسة أسترالية أخرى من جامعات Monash وRMIT ومجلس Cancer Council Victoria، أن استهلاك علبة واحدة يوميًا من المشروبات المُحلاة صناعيًا (مثل Diet Coke أو Pepsi Max) يرفع خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 38%، وهي نسبة تفوق حتى المشروبات السكرية التقليدية التي ترتبط بزيادة قدرها 23% فقط.

وبحسب الدكتورة باربورا دو كورتن، فإن هذه النتائج “تتحدى التصورات السائدة التي تروّج للمشروبات المحلاة صناعيًا باعتبارها خيارًا صحيًا”، مضيفة أن الحاجة باتت ملحة لمراجعة توصيات الصحة العامة التي تشجع على استبدال السكر بالمحليات الاصطناعية دون إدراك تأثيراتها الجانبية على المدى الطويل.

وتعكس هذه النتائج تحوّلًا حقيقيًا في طريقة التعامل مع داء السكري من النوع الثاني، حيث بات من الضروري توسيع دائرة التوعية لتشمل أنماط النوم، ونظام الإضاءة الليلية، ومخاطر البدائل الصناعية في الغذاء، بدل الاكتفاء بالتركيز على السمنة أو السكريات فقط.

في ضوء هذه المعطيات، يرى خبراء الصحة أن السياسات الصحية الحديثة يجب أن تعيد ترتيب أولوياتها، وتُدمج التوعية بالبيئة الليلية ضمن حملات الوقاية من الأمراض المزمنة، خصوصًا السكري. كما ينبغي اعتماد نتائج كهذه في برامج الصحة المدرسية والتوجيه المجتمعي، مع تعزيز دور الإعلام الصحي في تسليط الضوء على مخاطر غير تقليدية تؤثر مباشرة على الصحة الاستقلابية.

إن ما توصل إليه العلماء الأستراليون يُعد تذكيرًا قويًا بأن الوقاية من الأمراض المزمنة تتطلب فهماً شاملاً ومتكاملاً لعوامل نمط الحياة، وأن الصحة لا تقتصر على الأكل والحركة فقط، بل تشمل أيضًا الضوء، والنوم، والتوازن البيولوجي.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً