تابع تحورات الإنفلونزا دون تهويل: ماذا نعرف عن سلالة A(H3N2) الجديدة؟

الصحة

تابع العالم خلال الأسابيع الأخيرة تقارير تتحدث عن انتشار سريع لتحور جديد من فيروس الإنفلونزا الموسمية (A(H3N2)) في بعض مناطق نصف الكرة الشمالي، مع دعوات متجددة إلى عدم الانجرار وراء التهويل أو الأخبار غير الموثقة.

وبينما تؤكد منظمة الصحة العالمية أن فيروسات الإنفلونزا تتغير باستمرار وأن التلقيح يظل الوسيلة الأنجع لتقليل الحالات الشديدة، يبقى التحقق من المصادر الرسمية شرطًا أساسياً قبل تداول أي تسميات أو أرقام تخص “سلالات جديدة”.

ماذا تقول المعطيات المؤكدة علميًا؟

  • الإنفلونزا الموسمية واسعة الانتشار عالميًا: تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن الإنفلونزا كانت تُصيب قرابة مليار شخص سنويًا قبل جائحة كوفيد-19، مع 3 إلى 5 ملايين حالة شديدة، و290 ألفًا إلى 650 ألف وفاة تنفسية مرتبطة بالإنفلونزا كل سنة.
  • التغيّر الجيني طبيعي ومتكرر: فيروسات الإنفلونزا (خصوصًا A/H3N2) معروفة بسرعة التحور، لذلك يتم تحديث تركيبة اللقاحات دوريًا اعتمادًا على الترصد العالمي.
  • اللقاح لا يمنع كل الإصابات لكنه يقلل المخاطر: الأدلة البحثية تُظهر أن لقاحات الإنفلونزا قد تخفض النتائج الشديدة المرتبطة بالمرض في مواسم مختلفة.

أين يبدأ التضليل عادة؟

  • عندما تُقدَّم “سلالة جديدة” كخطر غير مسبوق دون رابط رسمي أو وثيقة علمية منشورة.
  • عندما تُستخدم أرقام كبيرة أو تسميات معقدة (مثل رموز/تصنيفات فرعية) لإضفاء مصداقية على خبر غير موثق.
  • عندما يُربط الخبر باستنتاجات سياسية أو مؤامراتية لا علاقة لها بالصحة العمومية.

ملاحظة تحريرية مهمة: في بحث سريع عن مصدر رسمي منشور من منظمة الصحة العالمية يثبت تفاصيل تسمية بعينها مثل “J.2.4.1” أو “السلالة K” كما ترد في بعض النصوص المتداولة، لم نعثر على صفحة WHO مباشرة تؤكد هذه التسمية بالنص؛ لذلك الأفضل تقديمها كتقارير متداولة تحتاج لإسناد رسمي بدل التعامل معها كحقيقة نهائية.

كيف تتعامل بواقعية مع أخبار الإنفلونزا؟

  • تحقق من البلاغات الرسمية لوزارة الصحة ببلدك، وموقع منظمة الصحة العالمية، وهيئات الترصد المعروفة.
  • راقب المؤشرات الأهم: ارتفاع الدخول للمستشفى، الضغط على أقسام الإنعاش، ومعدلات الوفيات (وليس فقط “عدد الإصابات”).
  • التزم بالوقاية العملية خصوصًا للفئات الهشة: كبار السن، الحوامل، ومرضى الأمراض المزمنة:
    • التلقيح الموسمي عندما يكون متاحًا
    • غسل اليدين وتهوية الأماكن المغلقة
    • تجنب الاختلاط عند ظهور الأعراض وارتداء الكمامة في الازدحام إذا كنت مريضًا

الحديث عن تحورات جديدة للإنفلونزا ليس أمرًا استثنائيًا بحد ذاته، لكن الاستثناء الحقيقي هو تداول معلومات غير مسندة وتحويلها إلى مادة للذعر. التعامل الرشيد يبدأ من سؤال بسيط: هل هناك مصدر رسمي/بحث منشور يؤكد التفاصيل؟ ثم اتخاذ خطوات وقائية واقعية—وفي مقدمتها التلقيح وحماية الفئات الأكثر هشاشة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً