دعا الخبير المغربي في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، عز الدين بناني، إلى اعتماد مقاربة منسقة وشاملة في بلدان الجنوب، تقوم على تعزيز المهارات البشرية المحلية، وتطوير بنية تحتية سيادية لتفادي الارتهان للقوى التكنولوجية الكبرى، مشدّدًا على أن الذكاء الاصطناعي لا يشكّل فقط فرصة اقتصادية، بل أداة استراتيجية لبناء مجتمعات أكثر عدلاً وابتكارًا واستقلالية.
وفي حوار أجرته معه وكالة المغرب العربي للأنباء على هامش المناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي، قال بناني، مؤلف كتاب “الذكاء الاصطناعي في المغرب: السيادة والتحول المنهجي”: إن الذكاء الاصطناعي يمنح إفريقيا “فرصة تاريخية” للارتقاء، خصوصًا في ظل قابلية التملك السريعة لهذه التكنولوجيا بفضل انخفاض كلفة البنية التحتية مقارنة بالثورات التكنولوجية السابقة.
فرصة لإفريقيا وللشباب الإفريقي
وأكد المتحدث أن الذكاء الاصطناعي قادر على تحقيق قفزة إنتاجية كبيرة في القارة الإفريقية، من خلال تمكين الشباب من خلق ديناميات اقتصادية جديدة تراعي الخصوصيات المحلية. كما يمكنه لعب أدوار متعددة تتجاوز الاقتصاد لتشمل الحكامة الشفافة، والعدالة الاجتماعية، والحفاظ على التراث الثقافي.
وأضاف أن هذه التكنولوجيا تتيح رقمنة المعارف التقليدية، وتثمين اللغات المحلية، وهو ما يجعلها أيضًا أداة للانخراط الثقافي والهوياتي للشباب الإفريقي في تطور تكنولوجي لا يُقصي جذوره.
تحديات كبرى في طريق الاستراتيجيات
ورغم هذه الآفاق الواعدة، أقرّ بناني بأن وضع استراتيجيات فعالة للذكاء الاصطناعي في بلدان الجنوب يواجه تحديات بنيوية، أبرزها ضعف التنسيق بين الفاعلين العموميين والخواص والأكاديميين، وعدم توفر رؤية مندمجة. كما شدّد على أن التكوين والتأهيل يمثلان الحلقة الأضعف في أغلب الدول الإفريقية، إلى جانب الحاجة الملحة إلى تحكم محلي في البيانات والبنى الرقمية.
المغرب.. رؤية استباقية ومسارات متعددة
وبخصوص الحالة المغربية، أبرز بناني أن المملكة أدركت مبكرًا أهمية الذكاء الاصطناعي كرافعة للتنمية، وانخرطت في مقاربة استباقية تستهدف مختلف القطاعات الاستراتيجية، من التعليم والصحة، إلى الفلاحة والخدمات.
وأشار إلى أن المغرب أطلق مجموعة من المبادرات المحفّزة، منها دعم منظومة مقاولاتية ناشئة، وتعزيز التكوين الجامعي في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، إلى جانب إقامة شراكات دولية لتنمية الكفاءات.
كما توقف عند البُعد التنظيمي، مؤكدًا أن المغرب يُولي أهمية خاصة لمسائل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، من خلال إعداد أطر قانونية تحمي المعطيات الشخصية، وتضمن العدالة الخوارزمية، وتمنع التمييز، بما يجعل هذه التكنولوجيا في خدمة المصلحة العامة مع احترام الحقوق الأساسية.
التعاليق (0)