يسود احتقان داخل المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة بسبب الخلافات المتصاعدة حول خطة التشغيل التي قدمها وزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل، يونس السكوري، خلال اجتماع مجلس الحكومة المنعقد في 13 فبراير 2025. وأبدى عدد من أعضاء المكتب السياسي للحزب تحفظهم الشديد على طريقة إعداد وتوزيع الميزانية المخصصة للخطة، والتي تبلغ 15 مليار درهم، معتبرين أن الوزارات التي يديرها وزراء من حزب التجمع الوطني للأحرار استحوذت على الحصة الكبرى منها.
ورغم إصدار الحزب بلاغًا يشيد بالخطة، تجنّب خلاله توجيه انتقادات مباشرة، فإن التوتر الداخلي بلغ مداه، خصوصًا بعد تصريحات رئيس الفريق البرلماني للحزب، أحمد التويزي، التي عبّر فيها عن رفضه لطريقة تدبير هذا الملف.
وأكدت مصادر من داخل الحزب أن هذا الهدوء الظاهري يخفي توتراً عميقاً داخل التحالف الحكومي، خاصة في ظل استبعاد بعض وزراء “البام” من المشاركة في بلورة الخطة، وعلى رأسهم المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، الذي لم يُعتبر قطاعه أولوية ضمن الأهداف التشغيلية.
الخلاف تعزز بإرجاء اللقاء المرتقب لهيئة الأغلبية الذي كان من المفترض أن يناقش تفاصيل الخطة التشغيلية، في وقت اختار فيه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إصدار منشور رسمي يوضح معالم الخطة، ما زاد من غضب قيادة “البام”، رغم أن الدستور يمنح رئيس الحكومة صلاحيات مباشرة لإطلاق مثل هذه المبادرات.
وقد كشف مسؤول حكومي، في تصريح لموقع “كود”، أن ما يجري يعكس “أزمة ثقة وصراعاً مبكراً ذا طابع انتخابي داخل الأغلبية”، لا سيما مع تخصيص مبلغ كبير من المال العام لتنفيذ خطة تتقاطع فيها مصالح الوزارات المتحكمة في مفاصل القطاعات الإنتاجية والاجتماعية.
وتستند خارطة الطريق الجديدة للتشغيل إلى أربعة محاور رئيسية، تشمل دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة هيكلة برامج التشغيل لتشمل غير حاملي الشهادات، وتكثيف الجهود في العالم القروي عبر مشاريع مدرة للدخل، إلى جانب تقليص نسب الهدر المدرسي وملاءمة التكوين المهني مع متطلبات سوق الشغل.
ورغم أن الخطة نُسّقت في بدايتها باجتماع موسع ترأسه رئيس الحكومة في 10 دجنبر 2024، وشاركت فيه قطاعات حكومية ومؤسسات استراتيجية كالمندوبية السامية للتخطيط ومكتب التكوين المهني، إلا أن طريقة إخراجها النهائي فَجّرت غضب “البام”، الذي دعا في بلاغه الأخير إلى تجاوز “الحلول الظرفية” نحو مقاربة وطنية شاملة تضمن مشاركة كافة الفاعلين وتنمية الفئات المهمشة والشباب غير المتمدرس.
ويُنتظر أن تعقد هيئة الأغلبية اجتماعًا جديدًا بحضور وزير الشغل لمناقشة هذه الاختلالات ومحاولة نزع فتيل الأزمة، وسط ترقب سياسي وشعبي لما ستُفضي إليه هذه التحركات في ظل أزمة بطالة مستفحلة وتطلعات كبيرة نحو تنمية عادلة ومتوازنة.
التعاليق (0)