حذر الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، من تمدد خطر السمنة في صفوف المغاربة، مشيرا إلى أن الوزن الزائد والبدانة ليسا مجرد مشكلة تهدد المغرب، بل هما مشكلة يعاني منها بالفعل.
ويأتي هذا التحذير تفاعلا مع نتائج دراسة طبية حديثة دقت ناقوس الخطر حول التفشي العالمي غير المسبوق للسمنة، إذ توقعت أن يعاني 60% من البالغين وثلث الأطفال والمراهقين من زيادة الوزن أو البدانة بحلول عام 2050.
معدلات السمنة في ارتفاع
أكد الدكتور الطيب حمضي أن المغرب يعد من بين الدول التي تعاني من السمنة بسبب الارتفاع الملحوظ في معدلاتها، مبرزا أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلى أن نحو 20 في المائة من المغاربة يعانون من السمنة، و50 في المائة يعانون من الوزن الزائد، بينما اليوم يعاني 6 من كل عشرة مغاربة من الوزن الزائد وواحد من كل أربعة يعاني من السمنة، ما يجعلها مشكلة صحية كبرى.
وبحلول عام 2030، نبه حمضي إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد المغاربة البالغين الذين يعانون من السمنة إلى سبعة عشر مليونا، منهم عشرة ملايين امرأة وسبعة ملايين رجل، ما يعني أن النساء أكثر تأثرا بالسمنة من الرجال.
ووفقا لذات المتحدث، فإن واحدا من كل ثلاثة شباب في العالم سيعاني من السمنة بحلول عام 2050، مع تركز هذه الظاهرة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.
وأكد ذات الخبير أن معدلات السمنة في المغرب بدأت في الارتفاع منذ سنة 2020، حيث تسجل زيادة سنوية بنسبة 2.7%، فيما ترتفع النسبة إلى 5.2% لدى الأطفال، أي ضعف المعدل العام، ما يجعل الأطفال الفئة الأكثر تأثرا.
أسباب انتشار السمنة في المغرب
كشف الطيب حمضي أن أسباب انتشار السمنة في المغرب تعود بالأساس إلى سوء التغذية وقلة النشاط البدني، مبرزا أن “المغاربة يستهلكون يوميا حوالي 100 غرام من السكر، وهو ضعف المعدل العالمي البالغ 50 غراما، وأربعة أضعاف الحد الأقصى الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية وهو 25 غراما يوميا”.
وأبرز ذات الطبيب أن “25% من المغاربة لا يمارسون أي نشاط بدني، و95% من الشباب لا يمارسون الرياضة بانتظام، ما يزيد من خطر الإصابة بالسمنة بين الفئات العمرية الصغيرة”.
تداعيات صحية واقتصادية خطيرة
كشف الطبيب حمضي أن “السمنة لا تؤثر فقط على الصحة، بل تؤدي إلى الوفاة المبكرة والأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والشرايين والجلطات الدماغية والتهاب المفاصل”.
وعلى المستوى الاقتصادي، أكد الباحث ذاته أن “السمنة تتسبب في خسائر كبيرة، إذ تزيد من الإنفاق الصحي لعلاج الأمراض المرتبطة بها، وتقلل الإنتاجية بسبب التغيب عن العمل أو ضعف الأداء المهني”.
وتشير التوقعات، وفقا لذات المتحدث، إلى أن “الخسائر الاقتصادية المرتبطة بالسمنة ستبلغ 7.3 مليار دولار بحلول عام 2035، أي ما يعادل 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي”.
ويفرض هذا الوضع اتخاذ تدابير عاجلة حسب الدكتور الطيب حمضي، إذ اقترح في هذا الصدد التوعية بأهمية التغذية السليمة وتعزيز النشاط البدني، والحد من استهلاك السكريات، إضافة إلى تنفيذ سياسات صحية فعالة للحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذا التحدي المتزايد.
وتجدر الإشارة إلى أن الدراسة الحديثة التي تطرقت إلى التفشي العالمي للسمنة نشرت في مجلة “ذي لانسيت”، حيث كشفت أن عدد المصابين بالسمنة تضاعف ثلاث مرات بين 1990 و2021، إذ ارتفع من 731 مليونا إلى 2.11 مليار بالغ، ومن 198 مليونا إلى 493 مليون طفل ومراهق.
ودعت الدراسة، التي شملت بيانات من 204 دول، إلى إصلاحات عاجلة تشمل سياسات غذائية ورياضية لمواجهة هذا التحدي الصحي المتزايد.
التعاليق (0)