أكادير24
قتل الفقيه الرباني الحاج علي بن أحمد بن سعيد التناني، ظلما وغدراً في حي بنسركاو بأكادير، مساء يوم السبت الماضي: 02 مارس 2019 بعدما هاجمه مجهولون وهو يصلي صلاة العصر فعنفوه وقتلوه ضربا لأسباب مجهولة، وهو حسب ما رُوي لي وما وصفَه به من عرفوه عن كثب:
فقيه ومقرئ يعرف بالحاج علي بن أحمد بن سعيد التناني، وهو من دوار (تنرا) بقبيلة (تنكرت) باداوتنان، جماعة أزيار قيادة إيموزار، أخذ القرآن الكريم عن عدة أشياخ أخذ أولا عن كتاب قريته ثم انتقل إلى مسجد أغري بجماعة إيموزار، ثم زاوية سيدي عبد الرحمان بالتامري، ثم مدرسة بالمزار، ثم انتقل خارج بلده إلى إقليم شيشاوة حيث القراء والفقهاء المشهورن هناك بالعلم والقرآن، ثم بعد ذلك رجع إلى بعض مدارس أيت بعمران ثم انتقل إلى خارج البلاد.
كان الراحل عابدا زاهدا ربانيا متعففا لا يطلب الدنيا ولا يرغب فيها، وكان كريما يحب أن يتصدق على غيره، و كان عالما متواضعا مهتما بالعلوم الشرعية ومتضلعا فيها، وله باع طويل في كل فن من فنونها المختلفة، وأنه متمكن بالخصوص في علم الأصول والفقه والحديث والنحو واللغة العربية والقراءات القرٱنية، ويعرف عنه أنه إنسان طيب هين لين ذو أخلاق عالية، وأنه ناسك طلق الدنيا ثلاثا بائنا فلم يتزوج ولم يُعقب، عاش وحيداً ومات وحيدا كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أبا ذر الغفاري.
وحتى بلدته إداوتنان لم يزرها منذ مدة، وكانت همته في العلم والعبادة والإنطواء على نفسه مهتما بعبادته ومرضه، وكان مسنا تجاوز عمره الثمانين سنة، وقد مرض منذ سنوات بعدة أمراض ومنها مرض الربو الذي ابتلي به منذ مدة فبسببه كان يكثر من المشي قصد الرياضة واستنشاق الهواء الطيب خارج البيت، ويوصف أيضا بكونه لا يفتر عن تلاوة القرٱن اينما حل وارتحل، وخاصة حين كان يمشي ويتجول للتريض في الطرقات وعلى بعض الأرصفة.
ومما يروى عنه أنه قد حج واعتمر راجلا في شبابه واستغل سفره للتعلم والأخذ والتحصيل كما كان يفعل العلماء القدامى حين يمرون بعواصم العلم في مصر والعراق والشام والحجاز فيَستقرون فيها ريثما يأخذون العلم على يد علمائها المشهورين فيتخرجون عليهم ويأخذون منهم الإجازات والكتب العلمية.
و مما يروى عنه، أنه في طريق عودته من أداء فريضة الحج نزل واستقر رحمه الله بمصر لمدة ست عشرة (16) سنة أخذ خلالها من علمائها وشيوخها بعض العلوم الشرعية وبعض القراءات القرٱنية، ولم يرجع إلى بلده إلا بعد الاستفادة والتحصيل، وبعد أن ملأ وِطابَه علما ومعرفة وكان في سفره إلى الحج مر بتونس فأخذ عن علماء القيروان بالزيتونة وله درس للطلبة بين العشائين في جامع الزيتونة، ومر كذلك بالجزائر.
ومما يذكر عنه أنه لم يشترط في حياته بالمساجد على غرار أقرانه من الفقهاء أهل العلم والقرٱن، بل فضل أن يتواضع ويشتغل بالتجارة مدة طويلة في محل تجاري اكتراه ببنسركاو يزاول فيه تلك المهمة بنفسه حتى هرم وكبر، وقررَ رد المحل لأهله ولم يطلب منهم أي مقابل على غرار ما يفعله المكترون عادة، وقد لامه أحد معارفه حيث لم يأخذ من اصحاب المحل المكترى حقّ المنفعة (ما يسمى ببع المفتاح) فرفض قائلا: إنني إكتريت المحل من صاحبه ولم يبعه لي.
ومن قضاء الله وقدره أن تنتهي حياة هذا الفقيه الرباني على أيادي الإثم والإجرام الطويلة هذا العصر في بعض المدن كبنسركاو، فهي التي أبت إلا أن تحصدَ روحه ظلما وتلحقه بربه شهيدا ،فرحمه الله رحمة واسعة وتقبله في الصالحين.
وأن يحفظ أمننا من عبث العابثين. آميين.
كتب هذه الترجمة الموجزة محمد الظريفي ومحند بن علي إيهوم.
التعاليق (0)