رؤساء الدول: بين البحث عن الفرص وتحقيق المصالح الوطنية… ورئيس الجزائر وخريطة “الوهم الكبير”

IMG 888943 خارج الحدود

agadir24 – أكادير24

عندما يسافر رؤساء الدول إلى الخارج، يحملون معهم هموم أوطانهم وتطلعات شعوبهم، متطلعين إلى تعزيز الاقتصاد الوطني، توقيع اتفاقيات تجارية، استقطاب استثمارات، وتوسيع شبكة الشراكات الدولية التي تسهم في تحسين صورة بلدانهم على الساحة العالمية.

لكن في المقابل، تبدو أولويات رئيس الجزائر، عبد المجيد تبون، مختلفة تمامًا، إذ لا يزال يصر على طرح قضية الصحراء المغربية في محافل دولية، رغم أن هذه القضية لم تعد تشكل أولوية أو محور اهتمام على المستوى العالمي.

زيارة سلوفينيا: صراع الأوهام ومسألة “الصحراء الغربية”

خلال زيارته الأخيرة إلى سلوفينيا، التي لا تخفي موقفها المؤيد لسيادة المغرب على صحرائه، أصر الرئيس الجزائري على الحديث عن “تقرير مصير الشعب الصحراوي”.

تصريحات تبون جاءت في وقت تُظهر فيه سلوفينيا دعمًا واضحًا للسيادة المغربية، ما يضع تساؤلات حول مدى جدوى التصريحات الجزائرية التي تتمحور حول هذا الملف.

زيارة تبون لم تركز على تعزيز العلاقات الاقتصادية أو تحسين صورة الجزائر في الخارج، بل بدت وكأنها دعوة جديدة للمجتمع الدولي للتعامل مع قضية قديمة تشهد عزلة متزايدة.

سلوفينيا وموقفها الثابت من الصحراء المغربية

من الجدير بالذكر أن سلوفينيا، كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، أكدت خلال زيارة تبون موقفها الثابت في دعم سيادة المغرب على صحرائه. في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الجزائري لتدويل القضية الصحراوية، تجد الجزائر نفسها في عزلة دبلوماسية مع العديد من الدول الأوروبية، التي أظهرت رفضها لفرض هذا الملف على طاولة النقاش الدولي.

الإخفاقات الدبلوماسية الجزائرية: العزلة والتهميش

منذ بداية الحملة الدبلوماسية الجزائرية في ما يتعلق بالصحراء المغربية، لم يحقق النظام الجزائري أي انتصار حقيقي على الساحة الدولية، بل على العكس، وجد نفسه في عزلة دبلوماسية شبه تامة. فبينما تسعى الجزائر إلى تعبئة العالم ضد المغرب، تبقى أغلب الدول الكبرى، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، وأغلب الدول العربية، ملتزمة بموقف محايد أو داعم لسيادة المغرب على أراضيه.

تتجلى إخفاقات الجزائر في تزايد تهميشها على الساحة الدولية. فمن جهة، لم تتمكن من استقطاب دعم قوي للقضية الصحراوية، بل على العكس، تم تفعيل العديد من المبادرات الدولية التي تسعى إلى إيجاد حل عملي وعادل لهذا النزاع تحت إشراف الأمم المتحدة، وهي مبادرات لا تتماشى مع طموحات الجزائر.

العزلة الإقليمية: الجزائر ضد موجة التقارب الإقليمي

إحدى المظاهر الأكثر وضوحًا في عزلة الجزائر هي موقفها المعارض للمصالحة الإقليمية في شمال إفريقيا. فبينما تحرص المغرب على تعزيز علاقاته مع جيرانه الأفارقة، وتكثف التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي والدول الخليجية، تُصر الجزائر على سياسة الإغلاق، وتعزيز انقسامات منطقة المغرب العربي. هذه السياسة انعكست سلبًا على العلاقات الجزائرية مع دول الجوار، حيث لا تساهم مواقفها في تعزيز التعاون الإقليمي الذي يُعد ضرورة في ظل التحديات الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة.

خيبة أمل دبلوماسية مستمرة

العديد من الزيارات الدبلوماسية الجزائرية انتهت بخيبة أمل، وآخرها كانت زيارة الرئيس الجزائري إلى سلوفينيا. ففي وقت كان من المفترض أن تسعى الجزائر لتعزيز شراكات اقتصادية مع دول أوروبية مثل سلوفينيا، اختارت الجزائر أن تركز على قضية الصحراء المغربية، ما أكسبها المزيد من العزلة والرفض الدولي. المؤسف أن الجزائر لا تزال في حالة من الإنكار، إذ تعتقد أن استمرار نفس المواقف السياسية سيمكنها من تحصيل المكاسب على المستوى الدولي، بينما في الواقع، تعاني من تهميش متزايد.

هل حان الوقت لتغيير المسار؟

إن استمرار الجزائر في التركيز على قضية الصحراء المغربية على حساب المصالح الاقتصادية والتنموية يهدد بمواصلة عزلتها على الساحة الدولية. على الجزائر أن تعيد توجيه دبلوماسيتها بعيدًا عن محاور النزاع الإقليمي المفرغ من المضمون، نحو بناء شراكات اقتصادية استراتيجية تضمن لها التقدم الاقتصادي وتفتح أمامها الأفق للتعاون مع شركائها الدوليين.

لعل الوقت قد حان لمراجعة السياسات الجزائرية والعمل على بناء علاقات دولية قائمة على أساس المصالح المشتركة، بعيدًا عن تصورات قديمة لم يعد لها مكان في عالم اليوم.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً