حذرت الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك من تنامي ظاهرة بيع الهواتف الذكية المستعملة المهربة داخل الأسواق المغربية، معتبرة أن الأمر لم يعد مجرد سلوك تجاري غير مشروع، بل تحديا حقيقيا على مستويات اقتصادية وأمنية وقانونية.
وفي تصريح له، أكد رئيس الجمعية علي شتور أن هذه الظاهرة تلحق ضررا مباشرا بالاقتصاد الوطني، إذ تحرم خزينة الدولة من مداخيل جمركية وضريبية هامة نتيجة تسرب هذه الأجهزة إلى السوق عبر طرق ملتوية وغير قانونية، دون احترام للإجراءات الجمركية المعمول بها أو الالتزام بمعايير الاستيراد الرسمية.
وأضاف شتور أن الخطر لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى البعد الأمني، موضحا أن بعض هذه الهواتف قد تكون “معدلة أو محملة ببرمجيات خبيثة، ما يجعلها تشكل تهديدا مباشرا على سلامة وأمن المعطيات الشخصية للمستهلكين”، وهو ما يعد خرقا واضحا لـ “مقتضيات القانون 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي”.
وفي سياق متصل، لفت المتحدث إلى أن هذه الممارسات تخرق “مقتضيات القانون 31.08 المتعلق بحماية المستهلك، والذي يضمن الحق في السلامة، والحق في المعلومة، والحق في التعويض”، داعيا السلطات المختصة إلى “اتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذه الظاهرة، وذلك بتشديد المراقبة على الحدود والمنافذ الجمركية”.
وفي السياق ذاته، دعا شتور إلى “تعزيز آليات التفتيش والرصد لمنع دخول الأجهزة المهربة مع إطلاق حملات توعية للمستهلكين حول مخاطر اقتناء هذه الهواتف، سواء من الناحية الأمنية أو القانونية، وفرض ضوابط قانونية صارمة على المحلات التجارية التي تروج لهذه الأجهزة”.
وشدد الفاعل الحقوقي على ضرورة “تشديد العقوبات على المخالفين وتعزيز التعاون بين المصالح الجمركية، الأمنية، ووزارة الصناعة والتجارة لضمان سوق شفافة وعادلة”، مشيرا إلى أهمية “دعم السوق الوطنية وتشجيع استيراد الهواتف عبر القنوات الرسمية” كخطوة لتعزيز الثقة في المنتجات القانونية.
يذكر أن تقريرا حديثا للمؤسسة الأوروبية المتخصصة في الأمن السيبراني والتجارة الخارجية “يورو سيك”، سلط الضوء على المخاطر المتزايدة للهواتف المهربة نحو المغرب، محذرا من أن هذا النشاط غير القانوني يخلق حالة من عدم التوازن داخل القطاع التجاري ويؤثر سلبا على الأمن الرقمي الوطني، خصوصا أن العديد من هذه الأجهزة تحتوي على برمجيات خبيثة قادرة على اختراق البيانات وتسهيل عمليات التجسس الإلكتروني.
وبين تحذيرات الخبراء ودعوات الجمعيات، تبقى ظاهرة الهواتف المهربة معضلة معقدة تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية مع التحديات الأمنية، في انتظار تدخل حازم من السلطات لتأمين المستهلك وحماية السوق الوطنية من مخاطر هذا الغزو الإلكتروني الصامت.