هبوط الفرشة المائية لسهل اشتوكة بين التغايرية المطرية والاستغلال الفلاحي.

أكادير والجهات

نوقشت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية يوم 20 فبراير 2019 ،أطروحة الدكتوراه في موضوع ” هبوط السطح المجمي لفرشة سهل اشتوكة بين التغايرية المطرية والاستغلال الفلاحي : دراسة جغرافية في المركبات والعلاقات” . تقدمت بها الطالبة الباحثة في قسم الجغرافيا حسناء طنورجي.
تناولت الأطروحة قضايا ذات راهنية في موضوع استعمال الماء في منطقة لها حساسية اقتصادية واجتماعية وبيئية على مدى فترة زمنية امتدت ما بين 1970و2014 ، وتوصلت إلى خلاصات علمية جد هامة لاسيما وان الدراسة اهتمت بالجانب الهيدروجيولوجي لمنطقة اشتوكة دون إغفال قضايا اقتصادية مرتبطة بالانتشار السريع للزراعات التسويقية التصديرية ، وقضايا اجتماعية ديمغرافية لها علاقة بالتوافد الهجري المكثف من مختلف مناطق المغرب نحو الجماعات الترابية لسهل اشتوكة .
يمكن إجمال نتائج الرسالة العلمية في الخلاصات الآتية :
1 ــ إن للتغايرية المطرية(variabilité pluviométrique)دور هام في الهبوط المجمي لفرشة اشتوكة. فخلال الفترة 1970-2014، شهدت الفرشة المائية تراقصا ودينامية نشيطة تحكمت فيها عوامل معقدة أبرزها تردد الجفاف الذي سبب هبوطا حادا للفرشة المائية خاصة في الفترة ما بين 1971-1977 في شمال اشتوكة وبيوكرى و ايت اعميرة. وبالرغم من وفرة التساقطات في الفترة ما بين 1987-1991 فان الفرشة ظلت مستقرة، بينما تجدد هبوط السطح المجمي piézométrique) (niveauبشكل قوي نتيجة الجفاف في ما بين 1991-1995. والى حدود منتصف التسعينيات ، ظلت التغايرية المطرية هي العامل الرئيس الحاسم في هبوط السطح المجمي لفرشة اشتوكة ،مع العلم أن الدراسة الهيدروجيولوجية أفادت انه لا يمكن اعتبار التغايرية المطرية هي المسؤول الوحيد على الهبوط القوي للفرشة في كل مناطق سهل اشتوكة بل لابد من الأخذ بعين الاعتبار عوامل هيدروجيولوجية فاصلة وحاسمة مثل تموقع سهل اشتوكة في علاقته بالممال الهيدرولوجي (مستوى الصفر من سطح البحر) على خزان متوضع فوق سطح تحاتي غير مستو، مما يفسر التباينات المجالية في عمق الفرشة الباطنية من منطقة إلى أخرى داخل المجال الجغرافي الفلاحي لاشتوكة.
2 ــ بعد سنة 1995 أصبح للاستغلال الفلاحي الرلأسمالي العصري الدور الفعال في هبوط السطح المجمي لفرشة اشتوكة ، لان المنطقة استقبلت استثمارات ضخمة وهجرة وافدة قوية ، وظفت السديمة المائية في النشاط الفلاحي(الطماطم المنتجة بسهل اشتوكة هي من بين أكثر المنتوجات الزراعية استهلاكا للماء) وفي مختلف أشكال الاستهلاك السكاني. لكن ما يثير الانتباه هنا هو الحصة المرتفعة لمساهمة قطاع الفلاحة التصديرية في هبوط السطح المجمي لفرشة اشتوكة والتي تقدر بنسبة 93 % من مجموع الاستهلاك المائي بالسهل ، وهو الأمر الذي يدعو إلى التفكير في العلاقة الترابطية بين الاستغلال الفلاحي والتغايرية المطرية من جهة ومن جهة أخرى بين الفلاحة التصديرية والحاجيات المتنامية للماء بسبب تزايد عدد ومساحة الضيعات الفلاحية التي تضخ الماء من عمق السديمة المائية الباطنية بشكل مستمر منذ منتصف التسعسنيات إلى اليوم.
لقد شكلت طرق الاستغلال البشري المختلفة عوامل إضافية – إلى جانب تردد الجفاف والتغايرية المطرية – لتأزيم وضع فرشة اشتوكة واستمرار هبوطها ، مما تطلب تدخلا ناجعا للحد من تراجع الفرشة وإنقاذ الوضع المائي بالمنطقة.
3 ـــ لتدارك الوضع وتقويم الاختلال والخصاص المائي الذي يتهدد سهل اشتوكة أمام تغايرية مطرية تفرض واقع الندرة وضغط ديمغرافي يحتم تزايد الحاجيات ، اعتمدت الدولة إجراءات للتدخل تتمثل في تنفيذ مقتضيات القانون الجديد للماء 15.36 و تفعيل أهداف مشروع اشتوكة لتحلية مياه البحر .هذا المشروع الطموح الأول من نوعه على المستوى الوطني يندرج في إطار بلورة إستراتيجية وطنية استباقية في تدبير العجز المائي ، والتحكم في كمية المياه الباطنية المستخرجة من السديمة المائية في أفق فرض نظام الحصيص على مياه الفرشة ، يجنبها الاستنزاف وفي نفس الوقت يضمن استمرار الزراعة التصديرية القائمة على الفرشة الباطنية باعتبارها أساس التنمية الاقتصادية الوطنية .يتضح ذلك في كون سهل اشتوكة ينتج 85 % من صادرات البواكر و97 % من إنتاج الطماطم على المستوى الوطني ، كما يغدي السوق الوطنية بالخضر وبعض الفواكه ، ويوفر فرص شغل جد هامة في القطاع الفلاحي والأنشطة المرتبطة به لفائدة عدد كبير من اليد العاملة. ولضمان استمرار سهل اشتوكة في أداء هذه الوظائف الاقتصادية ولاجتماعية على المستوى المحلي والوطني ، كان من الضروري الاهتمام بالفرشة المائية الباطنية لأنها أساس دينامية النشاط الاقتصادي في المنطقة.
تقرير: الحسن فركاكوم، طالب في سلك الماستر بكلية الآداب _ اكادير.