مهنة المحاماة والتحول المجتمعي بالمغرب
عرف المغرب في العقدين الاخيرين تحولا جدريا ان على المستوى الاقتصادي او السياسي واكبه تغيير اجتماعي كبير على مستوى القيم والاخلاق السائدة فيه وهذا التحول لم يكن وليد صيرورة داخلية ولكن بثاتير واضح من الخارج فكيف تفاعلت مهنة المحاماة مع هذا الوضع وهل ستستطيع الحفاظ على وضعها الاعتباري ام انه سيصيبها ما اصاب باقي مؤسسات المجتمع المغربي؟
ان اساس التحول الذي عرفه المغرب كان بفعل هيمنة الراسمالية التي احتكرت ليس فقط وسائل الانتاج ولكن كذلك السلطة السياسية واستولت على وسائل الاعلام وسخرتها لمصالحها الضيقة.
كانت بداية معارك البورجوازية الهجينة بالمغرب مع احزاب اليسار وادرعها النقابية التي انتهت بالوفاة الكلينيكي لها ولم يعد من اهتمامها الدفاع عن الاغلبية من فقراء الشعب والفئات المتوسطة منه.
وبما ان طموح الراسمالية العالمية المتوحشة التي كسرت مفهوم سيادة الدول لا حدود له فانها تسعى محليا ودوليا الى تغيير القوانين التي تكفل حماية الحقوق المدنية والسياسية للناس والتضييق على حرياتهم السياسية التي حصلوا عليه عبر صراع طويل ومرير.
وبما ان مهنة المحاماة ظلت ملجأ لكل المستصعفين والمظلومين فان التخطيط لتقزيمها ووضعها في اطار خاص وجعلها مهنة ذا طابع تقني للعب دور الوسيط المحايد الذي يؤدي خدمات بمقابل، (وقد ظهر فيها با يعاز من يهمه امر تغييرمسارها عدد لايستهان به من المحامين الذين تفننوا في لعب دور الوسيط وبمقابل لتحقيق نتائج مضمونة “وتبوؤا “بفعل ممارساتهم المشينة “مكانة مرموقة” واصبحوا هم القدوة للوافدين الجدد على مهنة المحاماة.)
ان الجناح المتحكم في قرار السلطة السياسية بالمغرب وصل مرحلة بدا له فيها ان التحكم في كل شيئ هو السبيل لتحقيق الغايات المننشودة وقد وظف لتحقيق استراجيته “ضباع” في كل تنظيم ومؤسسة بما فيها الاعلام الذي ضاع بريقه و انصب اهتمامه على نشر الفضيحة والعري ولم يعد من اهتمامه نشر ماينفع الناس .
فهل يكتمل مشروع التغيير ويشمل مهنةالمحاماة؟ الجواب على ذلك رهين بالمحامين انفسهم فاذا سعى اغلبهم الى تحقيق الربح المادي على حساب قيم ومبادئ مهنة المحاماة فان مصيرها السلبي محتوم واما اذا تحركت الضمائر الحية وفرضت المسار الواجب اتباعه ومن الجميع المبني على الارث التاريخي والمبادئ الانسانية لمهنة المحاماة فان منظور اخر لتنظيم المجتمع سيولد من جديد لرسم معالم جديدة لبناء مجتمع يسوده العدل وتحترم فيه الحقوق وتضمن فيه الحريات ويحيا فيه الغني كما لفقير .
يقال ان المستقبل يصنعه الرجال الاحرار ومهنة المحاماة طالما وصفت بالمهنة الحرة والمستقلة وممارسيها بالاحرار لكن يبقى السؤال هل لازال من احرار يمارسون مهنة المحاماة ام ان الجميع ساروا عبيدا للمال واسياد المال .
معرفة الجواب ليس ببعيد وبين هذا وذاك فقط شمس تسطع على اي عالم سيتحقق.
بقلم الاستاذ اليزيد كونكا