نعم هي زيارة تكاد تكون شبه رسمية كل ثلاث سنوات تقريبا.. بل تحوّلت إلى مرجع مفصلي في تواريخ هذه الأسواق لدى أغلبية التجار بالمدينة..
وغير بعيد تمكن رجال الإطفاء التابعين للوقاية بإنزكان، خلال الساعات الأولى من صباح يوم 23 أبريل 2021 من السيطرة على حريق اندلع بمنطقة “لافيراي وسوق الدجاج” بمدينة إنزكان..
وهاهم يعودون إليها يوم 30 أبريل 2024.. وإن كانت الزيارة هذه المرّة هي الأعنف والأضخم على الإطلاق… حيث عاشت المدينة بكافة أطرافها ليلة أمس تحت دخان كثيف زكم أنوف الساكنة بروائح حريق المتلاشيات وخاصّة بقايا العجلات والبلاستيك استمرت إلى حدود مطلع اليوم الموالي..
هي ثلاث سنوات بين الحريقين.. وبينهما ذاك الوعد الذي أعطى للتجار وممتهني بيع المتلاشيات إبان الحريق الأول والذين يقارب عددهم آنذاك 400 تاجر الإنتقال إلى مدينة أيت ملول إلى حين انتهاء الأشغال بالمنطقة الحرفية التي يتم بناؤها في إطار اتفاقية شراكة بين مؤسسات الدولة والجماعات الترابية والتجار..
ثلاث سنوات كانت كافية أن يعاد هذا السوق العشوائي ويزداد عدد التجار بشكل مضاعف حتّى أن راديو المدينة دأب بعد كل حريق إحدى أسواق المدينة أن يراقب عدد السيارات الجديدة لأناس كانوا إلى حدود الأمس ياكلون الطعام ويمشون في الأسواق… وتلك حكايات هذه المدينة وقد تروى بالف طريقة وطريقة.. لكنها لن تخرج ابدا على أن إنزكان عبارة عن مدينة داخل السوق.. أو هكذا اريد لها منذ أن ابتدع عامل إقليم بداية ثمانينيات القرن الماضي توزيع محلات تجارية على مستشاري وأعضاء المجلس مكافئة لهم بالمصادقة على بناء مايسمى ( تران) المدينة..
منذ ذلك التاريخ أصبحت أسواق انزكان هي من تصنع رؤساء الجماعة..
بل أصل شهرتها وبكل الأصناف ..من السوق الممتاز إلى العشوائي. .إلى الأكثر عشوائية ..
مدينة كل الشوارع والأرصفة محتلة …وما تبقى للسيارات ..
حتى أصبح أسم إنزكان يحيل إلى الفوضى والاختناق لدى أي زائر كان ..
نعم للفوضى في المدينة نظام وقانون وحماية …ومقاومة أيضا ضد كل الإرادات الهادفة إلى معالجة هذا الخلل البنيوي الذي يعرفه أكبر مركز تجاري على المستوى الوطني ذي الامتدادات في العمق الأفريقي. ..
لذلك لم نفاجئ بحريق الأمس السوق لأن كل شروطه متوفرة بالكاد يجد فيه التسوق موطئ قدم أمام تكدس السلع القابلة للاشتعال والانتشار ..ومن ألطاف الله سبحانه أن اندلاع الحريق في هذه الأسواق يصادف دائما منتصف الليل
وتصورا معي حجم الكارثة لو كان الحدث لاقدر الله وقت الذروة نهارا والسوق بهذه الفوضى وكل شروط اندلاع الحريق متوفرة ويكفي لمن صادفت زيارته وقت الغداء انتشار قارورات الغاز الصغيرة أمام ما يشبه المتاجر لتهيئ الوجبات…
كيف يكون الوضع ؟؟!
هي أسئلة للجماعة المحلية بإنزكان صاحبة الإختصاص في مراقبة وتدبير هذه العشوائية قبل وقوع الكارثة لا قدر الله
فالمدينة ليس قدرها أن تكون خارج القانون …وليس قدرها أن تكون بقرة حلوب للبعض. .وتفقير للآخرين ..
ف إنزكان أخرى ممكن.. بالنظر إلى الإمكانيات المادية واللوجيستيكية لجعلها في مصاف المراكز التجارية الكبرى وطنيا وقاريا لو تظافرت كل الجهود ومن مختلف المؤسسات والإرادات الوطنية الصادقة
كفى من نهب المدينة ونزفها ..
كفى من هذا الاحتراق….!!!!
يوسف غريب كاتب /صحافي