“مسار بطل”: حين تلتقي الرياضة بالهوية الوطنية داخل أسوار جامعة ابن زهر

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام والصناعة الثقافية

في إطار الدينامية المتواصلة التي تعرفها المملكة المغربية استعداداً لاحتضان كأس الأمم الإفريقية 2025، وضمن الاهتمام المتزايد بالبعد الثقافي والتربوي للرياضة، احتضنت كلية الطب والصيدلة بأكادير صباح الأربعاء 26 نونبر 2025 لقاءً مميزاً بعنوان “مسار بطل”، استضاف اللاعب الدولي السابق حسن ناظر، الذي قدّم عرضاً غنياً استعاد فيه محطات مساره الكروي والإنساني، وصولاً إلى تعيينه حديثاً سفيراً للعصبة البرتغالية لكرة القدم.

  • من الدار البيضاء إلى العالمية… حكاية بطل وُلد سنة 1965

استهل حسن ناظر اللقاء بالعودة إلى جذوره، حيث رأى النور في الدار البيضاء سنة 1965، قبل أن يشق طريقه نحو عالم كرة القدم عبر نادي الوداد الرياضي، الذي اعتبره محطة التحول الكبرى في حياته الرياضية.
ومن المغرب، انطلقت الرحلة نحو الاحتراف الأوروبي، حيث حمل ناظر قميص ريال مايوركا ثم بنفيكا، ليصبح من أبرز المهاجمين المغاربة في التسعينيات.
وتوقف عند مشاركاته الدولية مع المنتخب الوطني في كأس إفريقيا 1988 و1992، ثم في كأس العالم 1994 بالولايات المتحدة، حيث وقع هدفاً تاريخياً في شباك هولندا، ليظل اسمه محفوراً في ذاكرة الجماهير المغربية.

  • “الرياضيون هم السفراء الحقيقيون للمغرب”… بوصلة أخلاقية

استحضر ناظر إحدى العبارات الخالدة للملك الراحل الحسن الثاني:
“الرياضيون هم السفراء الحقيقيون للمغرب.”
وأكد أن هذه المقولة شكلت بالنسبة إليه مرجعاً قيمياً ظل يرافقه طوال مساره، إذ جعلته يدرك أن حمل القميص الوطني مسؤولية تتجاوز أداء 90 دقيقة، وتمتد إلى تمثيل أمة كاملة.

  • فرونس البرتغالية… مدينة لا تنسى بطلها

من بين اللحظات المؤثرة في اللقاء، تحدث ناظر عن العلاقة الخاصة التي تربطه بالبرتغال، وخصوصاً بمدينة فرونس التي احتضنته لاعباً وإنساناً.
فهذه المدينة، التي ما تزال تحتفظ له بمكانة خاصة، تنظم سنوياً بطولة تحمل اسمه تكريماً لعطائه وتألقه مع ناديها المحلي.
ويؤكد ناظر أن هذا التكريم ليس مجرد حدث رياضي، بل هو تعبير عن وفاء مدينة وجمهور يعتبرونه “بطلاً لن ينساه البرتغاليون”.
كما أعلن خلال اللقاء أن العصبة البرتغالية لكرة القدم عينته، قبل يومين فقط، سفيراً لها، في اعتراف جديد يرسّخ حضوره واحترامه في المشهد الكروي الدولي.

  • من صدمة مونديال قطر إلى صعود الكرة النسوية… وعي رياضي جديد

عرّج ناظر على التحول الكبير الذي شهدته علاقة المغاربة بالرياضة، خصوصاً بعد الإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني في مونديال قطر 2022، الذي جعل الرياضة جزءاً أصيلاً من الهوية المغربية الحديثة.
كما أشاد بالتطور الواسع الذي تعرفه كرة القدم النسوية، معتبراً إياها أحد المشاريع الوطنية الواعدة التي بدأت تؤتي ثمارها.

  • رسالة للطلبة: النجاح يبدأ خارج الملعب

في حوار مفتوح مع الطلبة، شدد حسن ناظر على أهمية الانضباط والاحترام والعمل اليومي، مؤكداً أن التعليم هو الأساس الحقيقي لأي مسار رياضي متوازن. وأضاف أن اللاعب، مهما بلغ من نجومية، يبقى مطالباً بحمل رسالة تتجاوز حدود المستطيل الأخضر.

  • جامعة ابن زهر… ميلاد شعبة جديدة للرياضة

على هامش الفعالية، أعلنت جامعة ابن زهر عن إطلاق أول فوج لشعبة الرياضة بداية من الموسم الجامعي المقبل، في مبادرة تروم إدماج التكوين الأكاديمي بالمعرفة التطبيقية في مجالات التدريب والتحليل والتدبير الرياضي.

  • ختام… حين يتحول المسار إلى إلهام

تحوّل لقاء “مسار بطل” إلى لحظة تأمل عميقة في علاقة الرياضة بالهوية الوطنية، وإلى فرصة للاحتفاء بمسار لاعب حمل الراية المغربية من ملاعب الدار البيضاء إلى نجومية بنفيكا، ومن كأس العالم إلى منصب سفير للعصبة البرتغالية لكرة القدم.
إنه مسار يثبت أن البطولة لا تُقاس بعدد الأهداف، بل بعمق القيم، وقوة القدوة، وقدرة الإنسان على صنع الأمل.