مركز تصفية الدم بسيدي إفني: خرقٌ للحق الدستوري في العلاج ومسٌّ بكرامة المرضى
تعيش مدينة سيدي إفني في الأيام الاخيرة على وقع وضعية صحية خطيرة تتعلق بمركز تصفية الدم، الذي يفترض فيه أن يكون ملاذًا للمرضى وضمانًا لحقهم في الحياة. غير أن الواقع يكشف عن خرق مزدوج: خرق لحق أساسي من حقوق الإنسان، وخرق لمقتضيات دستورية وقانونية تُلزم الدولة بضمان العلاج والعناية الصحية دون تمييز أو تقصير.
إن الحق في الصحة والعلاج منصوص عليه بوضوح في الفصل 31 من الدستور المغربي الذي يلزم الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بـتعبئة الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين من العلاج والعناية الصحية.
كما أن العهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي ينص على الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه.
وبناءً عليه، فإن توفير العلاج ليس تفضّلاً ولا عملاً خيرياً أو صدقة ، بل هو حق دستوري واجب قانوني ومؤسساتي، والدولة مسؤولة عنه بمقتضى الدستور والقانون الدولي.
رغم احتجاجات المرضى وترافع بعض الفعاليات الصادقة من المجتمع المدني، ورغم مرور مسؤولين منتخبين وبرلمانيين وأعيان المدينة يوميًا أمام المركز، إلا أن الوضع ما يزال كارثيًا ويتجلى دالك في :
حصص تصفية غير مكتملة أو غير مطابقة للمعايير الصحية.
معدات متهالكة ونقص حاد في الموارد البشرية.
غياب رقابة فعلية أو إجراءات استعجالية.
هذا الإهمال يرقى، قانونيًا، إلى إخلال جسيم بواجب العناية، ويضع حياة المرضى في خطر مباشر.
فالدولة وعبرها وزارة الصحة أو من ينوب عنها في الإقليم مسؤولة عن ضمان الحق في العلاج وليس فقط تنظيمه.
كما أن السلطات الإقليمية والمحلية مؤتمنة على تفعيل السياسات الصحية ومراقبة جودة الخدمات.
فوزارة الصحة ملزمة قانونًا بتوفير الموارد البشرية والتجهيزات الأساسية وتدبير المرافق الصحية بما يحفظ كرامة الإنسان عوض سياسة الهروب إلى الأمام.
إن استمرار هذا الوضع دون أي تدخل يجعل الجهات المعنية مسؤولة سياسيًا وقانونيًا عن كل ضرر يلحق بالمرضى، بما في دالك عدم تمكينهم من حقهم الكامل في العلاج. هدا الوضع الدي بات يسائلنا جميعا، مسؤولين، منتخبين ومجتمع مدني.
وعلاقة بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، لابد من التذكير پأن الفصل 431 من القانون الجنائي المغربي ينص بوضوح على تجريم الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر.
وإذا كان هذا الواجب محرَّماً على الأفراد، والمواطنين العاديين، فمن باب أولى أن تُحاسب المؤسسات العمومية والمنتخبون والجهات المسؤولة حين يُترك مرضى القصور الكلوي في وضعيات تهدد حياتهم.
إن ترك المرضى يعانون في مركز تصفية الدم دون ظروف لائقة أو متابعة طبية كافية هو شكل من أشكال الامتناع غير المبرر عن تقديم المساعدة، وهو ما يستدعي فتح تحقيق ومساءلة شاملة.
إن معالجة هذا الوضع تتطلب:
1- تدخلًا فوريًا من وزارة الصحة لإعادة تأهيل المركز وتوفير الموارد البشرية الضرورية والتجهيزات اللازمة.
2- تدخل السيد عامل الإقليم كمنسق للمصالح المركزية لضمان احترام الحق في العلاج.
3- تحمل المنتخبين مسؤولياتهم السياسية والأخلاقية بدل الاكتفاء بالشعارات والتسخينات الانتخابية أمام وضع صحي واجتماعي كارتي،
4- إشراك المجتمع المدني باعتباره طرفًا في مراقبة السياسات العمومية.
ختاما لابد من التأكيد وبكل مسؤولية بأن السكوت عن هذه الوضعية لم يعد مجرد تقصير، بل هو تواطؤ غير مباشر في انتهاك الحق في الحياة والكرامة الإنسانية واخلال بواجب المواطنة.
عمر بنعليات
