مرحبًا بإفريقيا في عرين أسود الأطلس… القارة تحتفل بنفسها في دارها

غير مصنف

حين تدق ساعة كأس الأمم الإفريقية، لا يكون الموعد مجرد بطولة كروية عابرة، بل عرسًا قارّيًا نابضًا بالحياة، تتعانق فيه الأعلام، وتتوحد فيه القلوب، وتصدح المدرجات باسم إفريقيا الواحدة. اليوم، يفتح المغرب ذراعيه ويعلنها مدوية: مرحبًا بإفريقيا في عرين أسود الأطلس.
إن استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس الأمم الإفريقية ليست حدثًا رياضيًا فحسب، بل تعبير صادق عن انتماء راسخ لقارة كان المغرب، ولا يزال، جزءًا لا يتجزأ من نسيجها الجغرافي والإنساني والحضاري. فالمغرب ليس بوابة إفريقيا فقط، بل هو قلب نابض فيها، تشكلت هويته عبر قرون من التفاعل والتبادل والتآخي مع شعوبها.
ومن طنجة إلى الكويرة، ومن الملاعب العالمية إلى الأزقة العتيقة، يعيش المغاربة على إيقاع قاري استثنائي، عنوانه الفرح والتآخي والمنافسة الشريفة. هنا، تتحول كرة القدم إلى لغة مشتركة، وتصبح المدرجات فضاءً للاحتفال بالاختلاف في إطار الوحدة، وبالتنوع في ظل الانتماء الواحد.
المغرب لا يستقبل المنتخبات الإفريقية كمنافسين فقط، بل كإخوة تجمعهم أرض واحدة وتاريخ مشترك وحلم واحد. وليس هذا الموقف وليد اللحظة أو مرتبطًا بموعد رياضي، بل هو امتداد لنهج راسخ دأبت عليه المملكة منذ القدم؛ نهج فتح الأذرع لإفريقيا وأبنائها، والتعامل معهم بروح الاحترام والكرم والإنصاف.
لقد كان المغرب، عبر تاريخه، أرض عبور واستقرار للأفارقة، واليوم يعيش آلاف المواطنين الأفارقة في المملكة كأنها بلدهم الثاني، يدرسون ويعملون ويبدعون، في انسجام يعكس عمق الروابط الإنسانية التي تجمع المغرب بعمقه الإفريقي. مشاهد التعايش اليومي، في الشارع والجامعة والملاعب، تؤكد أن إفريقيا ليست ضيفًا في المغرب، بل في دارها.
وفي هذا السياق، ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يؤكد، في توجيهاته السامية، على قيم التضامن والتعاون جنوب–جنوب، وعلى ضرورة ترسيخ كرم الاستقبال وحسن المعاملة تجاه الأشقاء الأفارقة، باعتبار ذلك خيارًا إنسانيًا وحضاريًا يعكس صورة المغرب الحقيقية، ويعزز مكانته داخل قارته.
في عرين أسود الأطلس، تُكتب الحكايات، وتولد الأساطير، وتُختبر العزائم. هنا، حيث الحماسة لا تهدأ، والجماهير اللاعب رقم واحد، نجدد العهد مع إفريقيا: عهد الوحدة، وعهد الشغف، وعهد الوفاء للهوية المشتركة.
مرحبًا بإفريقيا في المغرب…
مرحبًا بكم في عرين أسود الأطلس، حيث تُصنع اللحظة، ويعلو الهتاف، وتنتصر الروح الإفريقية.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً