مراكش تحتضن النسخة الثانية لملتقى الأعمال في منطقة التبادل الحر القاري الإفريقي: رؤية مشتركة لتنزيل فعّال لاتفاقية التجارة الحرّة

أخبار وطنية

بقلم: أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

تستضيف مدينة مراكش يومي 11 و12 دجنبر 2025 فعاليات النسخة الثانية لملتقى الأعمال في منطقة التبادل الحر القاري الإفريقي، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تحت شعار: «معاً من أجل تنفيذ فعّال لاتفاقية منطقة التجارة الحرّة لإفريقيا». ويأتي هذا الحدث القاري ليعكس عمق الالتزام المغربي بتحقيق الاندماج الاقتصادي الإفريقي، وترجمة الرؤية الملكية الرامية إلى جعل إفريقيا قارة الفرص المشتركة والتنمية المتوازنة.

  • رهانات الاندماج الاقتصادي الإفريقي

يشكّل هذا الملتقى محطة استراتيجية في مسار تنزيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي تُعد أكبر منطقة تجارة حرّة في العالم من حيث عدد البلدان المنخرطة فيها. ويُنتظر أن يناقش المشاركون سُبل تفعيل مقتضيات الاتفاقية على أرض الواقع، خصوصاً ما يتعلق بتيسير انسيابية السلع والخدمات، وتوحيد السياسات الجمركية، وتحسين مناخ الأعمال.
ومع وجود مليار وثلاثمئة مليون نسمة داخل سوق واحد بإجمالي ناتج يفوق ثلاثة فاصل أربعة تريليون دولار، فإن تسريع تفعيل هذه الاتفاقية يشكّل فرصة تاريخية للدول الإفريقية لتعزيز تنافسيتها في سلاسل القيمة العالمية، وتقليص التبعية الاقتصادية للخارج، وتحريك الاستثمارات الموجّهة نحو القطاعات ذات القيمة المضافة.

  • الدور الريادي للمغرب

لا تنفصل استضافة المغرب لهذا الحدث عن الدينامية التي تقودها المملكة في اتجاه تكريس تعاون جنوب–جنوب فعّال. فمنذ انضمام المغرب رسمياً إلى الاتفاقية، حرصت الرباط على لعب دور محوري في مواكبة بلورة الآليات العملية لتنزيلها، ومن ذلك تطوير منصّات لوجستية، وتحديث البنيات التحتية الأساسية، وتعزيز الاستثمارات في التحول الرقمي.
ويتيح ملتقى مراكش إبراز التجربة المغربية في تطوير مناطق صناعية ولوجستية متخصصة، وتثمين موقع المملكة كبوابة تجارية نحو أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء، بما يعزّز فرص خلق شراكات استثمارية على مستويات متعددة: صناعية، فلاحية، طاقية، وتكنولوجية.

  • فرص الأعمال والاستثمار: محرك رئيسي للتقارب الإفريقي

يُتوقع أن يشهد الملتقى حضوراً واسعاً لفاعلين اقتصاديين وصناع قرار وسياسيين من مختلف بلدان القارة، إضافة إلى مؤسسات تمويل إقليمية ودولية. وستركز النقاشات على:

  • تحفيز التجارة البينية الإفريقية وتقليص الحواجز غير الجمركية.
  • تعزيز سلاسل القيمة الإقليمية لضمان تنوّع إنتاجي مستدام.
  • تسريع الانتقال الرقمي في التجارة والخدمات اللوجستية.
  • تفعيل آليات التحكيم التجاري بما يضمن بيئة أعمال مستقرة.
  • تشجيع الابتكار والشركات الناشئة الإفريقية كقاطرة للنمو.
    وتبرز هذه القضايا في سياق تبحث فيه القارة عن نموذج جديد للتعاون يقوم على الاستفادة من الموارد المشتركة، وتثمين قدرات الشباب، وتوجيه الاستثمارات نحو المجالات الواعدة مثل الطاقات المتجددة والصناعة الخضراء والأمن الغذائي.
  • منصة لتجديد الالتزام السياسي والاقتصادي

يمثل الملتقى أكثر من مجرد اجتماع اقتصادي؛ فهو فرصة لتعميق النقاش السياسي حول سُبل توحيد الرؤى وتجاوز التحديات التي تعرقل الاندماج التجاري. كما أنه يشكّل فضاءً لتقريب وجهات النظر بين صناع القرار والقطاع الخاص، في لحظة تتطلب تعبئة جماعية للمرور إلى مرحلة التنفيذ العملي للاتفاقية بعد انتهاء مرحلة التفاوض.
وفي ظل التحولات العالمية المتسارعة والأزمات الجيوسياسية التي تمسّ سلاسل الإمداد، تصبح الحاجة ملحّة لإعادة بناء منظومة تجارية إفريقية متكاملة، قادرة على امتصاص الصدمات وتوفير فرص نمو متوازنة لجميع الدول الأعضاء.

  • خلاصة

يأتي تنظيم النسخة الثانية لملتقى الأعمال في منطقة التبادل الحر القاري الإفريقي بمراكش ليؤكد مرة أخرى قدرة المغرب على لعب أدوار قيادية في دعم الوحدة الاقتصادية للقارة. ومع شعار يضع التنفيذ الفعّال في مقدمة الأولويات، يبدو الملتقى منصة لتسريع التحوّل الاقتصادي الإفريقي نحو مرحلة جديدة قوامها التعاون والشراكة والنمو المشترك.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً