لفتيت يطلق إنذارًا أخيرًا: مهلة حتى مارس 2026 لإنهاء “فوضى” جرد وتثمين ممتلكات الجماعات الترابية

أخبار وطنية

وجّه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، انتقادًا لاذعًا ومباشرًا إلى الجماعات الترابية بسبب ما وصفه بـ”التعاطي السيئ” مع التوجيهات والدوريات المتعلقة بالإعداد والتنفيذ السليم للميزانيات السنوية. ويتركز جوهر الاستياء الوزاري حول فشل الأغلبية الساحقة من هذه الجماعات في التنزيل التدريجي للمخطط المحاسباتي، وتحديدًا ما يخص هيكلة الإدارة المعنية بتدبير الممتلكات، وضرورة جرد وإعداد سجل الممتلكات المنقولة، ووضع مرجع للأثمان لتحديد القيمة السوقية للأملاك العقارية.

ففي دوريته الأخيرة بتاريخ 6 أكتوبر الجاري، والتي تتناول إعداد وتنفيذ ميزانية 2026، أكد الوزير لفتيت أن الجماعات لا تمنح هذا الملف الحساس الأهمية التي يستحقها. وأشار إلى أن أغلب المصالح والأقسام المسؤولة عن سجلات المحتويات وإدارة وتثمين الممتلكات تعاني من نقص حاد في الإمكانيات والموارد البشرية اللازمة، مما يُعيق تشكيل صورة واضحة ومتكاملة للمنظومة المالية المحلية.
و تُعد هذه الانتقادات استمرارًا لتحذيرات سابقة. فمنذ عام 2022، صدر القرار المشترك لوزيرة الاقتصاد والمالية ووزير الداخلية المتعلق بتحديد نموذج سجل المحتويات، وسبق لوزير الداخلية أن تحدث عن المخطط المحاسباتي في دوريات ميزانية 2024. وقد أكدت الوزارة مرارًا أن الانخراط الجدي في هذا المشروع سيُمكّن الجماعات من حصر ممتلكاتها بشكل آمن وتوفير بيانات مالية موثوقة ودقيقة، مما يسهل تحسين الأداء العام.

ومع مرور أكثر من ثلاث سنوات على هذه التوجيهات دون تطبيق فعلي يذكر، باستثناء محاولات معدودة كنموذج جماعة البيضاء، قررت وزارة الداخلية الانتقال من مرحلة التوجيه إلى مرحلة الإلزام.

و في خطوة حاسمة، ألزمت وزارة الداخلية الولاة والعمال والآمرين بالصرف بوضع تدبير وتثمين الممتلكات على رأس أولويات العمل الجماعي. ويشمل هذا الإلزام إعادة هيكلة وتنظيم شامل لإدارة الممتلكات، وتعيين موظفين ذوي تجربة في المجال، وتزويد الإدارة بالموارد البشرية والأجهزة المعلوماتية الكافية.

والأهم من ذلك، وضعت الوزارة، وخلافًا للدوريات السابقة، تاريخًا محددًا لا يمكن تجاوزه لإنهاء عمليات جرد الممتلكات المنقولة وتجهيزاتها والمواد المخزونة، وهو 31 مارس 2026.

وأوضح الوزير أن عملية الجرد ستتم تحت إشراف لجنة تعين من قبل رئيس الجماعة الترابية أو نائبه المفوض، وتكون مهمتها حصرية في الترميز وإسناد أرقام الجرد، ووضع بطاقات للمنقولات، وجمع وثائق الإثبات، وإعداد السجلات الرسمية.

و تتوج سلسلة الإجراءات بوضع مرجع لتحديد القيمة السوقية للأملاك العقارية الخاصة بالجماعة. وتعتبر الوزارة هذا المرجع وسيلة ضرورية لتمكين الجماعات من تحيين قيمة ممتلكاتها بانتظام في سجل المحتويات، كما يشكل “عنصرًا أساسيًا في إنجاز بيان الحساب الافتتاحي”.

ولضمان التنفيذ، التزمت وزارة الداخلية بإصدار دورية خاصة لتنص على إحداث لجان تقنية على مستوى العمالات والأقاليم، ستُكلف بهذا الملف الحيوي الذي يجب أن يستند إلى مرجعيتين أساسيتين: مديرية الضرائب والمحافظة العقارية. هذا التحرك يمثل آخر فرصة للجماعات الترابية لتصحيح وضعها المالي وشفافية تدبيرها للممتلكات العامة.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً