اكادير : اومشيش المصطفى
عرفت مدينة أكادير صباح الأحد 25 ماي الجاري حالة من الارتباك والفوضى بسبب الإغلاق المفاجئ للممرات المؤدية إلى المنطقة السياحية، وذلك بالتزامن مع تنظيم ماراثون الأركان. وقد خلف هذا الإجراء موجة من الغضب في صفوف مهنيي القطاع السياحي، الذين وجدوا أنفسهم أمام واقع صعب نتيجة غياب التنسيق والتخطيط المسبق مع الجهات المعنية.
ففي الوقت الذي كان يفترض أن يشكل الحدث الرياضي إضافة نوعية لعروض المدينة وتنشيطا لحركتها الاقتصادية، تحول إلى مصدر قلق وتذمر خاصة بعد أن أُجبر العديد من السياح على قطع مسافات طويلة سيرا على الأقدام للوصول إلى فنادقهم، في حين اضطر آخرون إلى تغيير وجهاتهم نحو مناطق مجاورة مثل تغازوت وإمسوان، نتيجة صعوبة الوصول إلى وسط المدينة والمناطق السياحية الرئيسية.
ويثير هذا المشهد العديد من التساؤلات حول مدى نجاعة تدبير الفضاء العام خلال تنظيم التظاهرات الكبرى، خصوصا تلك التي تقام في مدينة تعتمد بشكل أساسي على السياحة كرافعة اقتصادية واجتماعية. إذ بدا واضحا أن الجهة المنظمة لم تأخذ بعين الاعتبار التزامات الفاعلين في القطاع السياحي، ولا خصوصية المدينة كوجهة تستقبل مئات السياح يوميا، سواء القادمين من داخل المغرب أو من خارجه.
ويأتي هذا الإغلاق دون خطة واضحة لتدبير التنقلات البديلة، أو حتى إشعار مسبق يمكن من خلاله تحذير الزوار والمهنيين وتنسيق الجهود لتفادي الخسائر وهو ما انعكس سلبا على صورة المدينة في نظر عدد من الوافدين، الذين وجدوا أنفسهم وسط ارتباك مروري وخدماتي لم يكن في الحسبان.
كما تكشف الواقعة عن خلل بنيوي في التواصل بين مختلف المتدخلين من سلطات محلية، ومنظمين، ومهنيين، حيث كان من الممكن تحويل الماراثون إلى فرصة للترويج السياحي لو تم إشراك القطاع الخاص خاصة الفنادق ووكالات الأسفار والمطاعم في التخطيط والاستعداد للحدث.
إن غياب الرؤية الاستراتيجية للتنمية السياحية في مثل هذه المناسبات لا يعد فقط خطأ تنظيميا، بل يمثل تهديدا مباشرا لمصداقية المدينة كوجهة سياحية محترفة ومجهزة لاستقبال الأحداث الدولية. فنجاح أي تظاهرة في مدينة سياحية يجب أن يراعي مصالح جميع الأطراف ويقوم على مبدأ التشاور والانفتاح، لا على القرارات الانفرادية المباغتة.
ما وقع في أكادير يكشف عن ضرورة مراجعة آليات تنظيم التظاهرات الكبرى، وإرساء ثقافة جديدة تقوم على التنسيق والتخطيط المسبق، حفاظا على مصالح المدينة وصورتها، خاصة في ظل منافسة قوية من وجهات أخرى تسعى إلى استقطاب نفس الشرائح السياحية.
التعاليق (0)