فسحة رمضان مع العلم والاختراعات الحلقة -21- .. أبو الريحان البيروني أول من تحدث عن فرضية الجاذبية    

فسحة رمضان

أكادير24 | Agadir24

هو واحد من أعظم العقول التي عرفتها حقبة العصر الإسلامي في القرن الحادي عشر، ومن ألمع العقول الرياضية في عصره. بالإضافة إلى ولعه بالرياضيات، كان البيروني جيولوجيا وفلكيا. يشكل كتابه “الجماهر في معرفة الجواهر” أحد الإنتاجات العلمية الكبيرة في وقتها، تحدث فيه عن الجواهر كالياقوت والماس واللؤلؤ والمرجان والزمرد والفيروز، بطريقة علمية في زمن كانت فيه الخرافة والشعوذة ملتصقة بهذه الأصناف من الجواهر. كما تطرق في كتابه للمعادن كالزئبق والذهب والفضة والحديد والرصاص والنحاس، مُبيِّنا مكوناتها ومحددا مجالات استعمالها، وحدد الكثافة النسبية ل18 عنصرا مركبا من المعادن والأحجار الكريمة. وكان أول من طالب باعتماد الذهب كأساس للنظم الاقتصادية. انشغل البيروني بعلم التاريخ واستعمل منهجه العلمي في تحويله من سرد للقصص والحكايات، إلى علم قائم بذاته. كما وضع أسس البحث التاريخي كالحاسة النقدية والقدرة على الرؤية الشمولية والاحتكام المتكرر للتعقيل والعقلانية. ولم ينفصل هذا الانشغال عن اهتمامه بالجغرافيا وطُرق رسم الخرائط وتحديد المسافات بين البلدان من خلال كتابه “تحديد نهاية الأماكن لتصحيح مسافات المساكن”. بالإضافة إلى رسائله التي تطرقت لنظريات في التطورات الأرضية البطيئة وتكَوُّن سلاسل الجبال ومساحات المياه. أما في الصيدلة، فقد قدم البيروني تاريخ العقاقير والصيدلة في الطب، وجمع الأدوية والعقاقير ورتبها حسب جودتها، وحدد أنواعها مفردة ومركبة ورتبها حسب اسم كل دواء مع ذكر ما قال كل طبيب عنها.

وفي رسائله ساهم البيروني بشكل كبير في مجال الهندسة حيث تحدث عن خواص الخط المنحني وبرهن مساحة المثلث بأضلاعه ومساحة الشكل الرباعي أيضا. اكتشف كذلك طريقة حساب نصف قطر الأرض والتي تُستخدم حتى يومنا هذا واسمها قاعدة البيروني. إلمام البيروني بالرياضيات ساعده بشكل كبير حين دُمج مع علوم الفلك، وهو ما جعله يقدم أحد أهم الأعمال ككتاب “القانون المسعودي في الهيئة والنجوم”، عالج فيه مختلف النظريات الفلكية والرياضية وأنواع حركة الأجرام السماوية. وكان أبرز ما جاء في الكتاب تحدثه عن فرضية الجاذبية، وكان أول من تحدث بأن الأرض تدور حول محورها. برهن في كتابه على كروية الأرض وكروية النجوم والكواكب الثابتة والسيارة، كما برهن على أن الأرض تدور حول الشمس وعلى دوران القمر حول الأرض ودوران الأرض حول نفسها. واكتشف الحركة الدورية للأرض حول الشمس مرة في كل عام وقدم تصورا لقوة جاذبية الأرض. كما قرر أن القمر جسم مُعتم لا يضيء بذاته وإنما يضيء بانعكاس أشعة الشمس عليه.

كانت أبرز محطة أثرت في سيرة البيروني، مرافقة السلطان محمود الغزنوي، حاكم الدولة الغزنوية في زمن الخلافة العباسية، في فتوحاته للهند، حيث قام برحلة طويلة في تلك البلاد وتعلم لغتها واطلع على ثقافة وعلوم الهند. وكان أهم إنجاز له في هذه الرحلة، إصلاح بعض البيانات الجغرافية الخاطئة التي كانت مُدوَّنة عنها، كما ترجم كتابين من تأليف العالِم الفلكي الهندي فراه ميرا. عاش البيروني في الهند نحو 40 سنة لينتج أهم أعماله “تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة” استعرض فيه بالتفصيل كل ما يخص الهند من آداب ومعتقدات وأسلوب معيشة.

في عصر النهضة، كانت أوروبا تُرسل المستشرقين لدراسة العالم الإسلامي تمهيدا لاستعماره ونهب خيراته، لكن البيروني اشتغل بنقل حضارة الآخرين ليتعرف عليها المسلمون منذ القرن 11. وكان كتابه حول الهند مرجعا للمستشرقين حيث تمت ترجمته للعديد من اللغات.

      سعيد الغماز

 

 

التعاليق (0)

اترك تعليقاً