فسحة رمضان مع العلم والاختراعات الحلقة -16- .. الرازي مبتكر المجموعة المرجعية في الدراسات الطبية

فسحة رمضان

أكادير24 | Agadir24

أبو بكر الرازي من أبرز علماء العصر الإسلامي الذين ساهموا في تطوير الطب والكمياء والفلسفة، وكذلك العديد من المجالات بفضل اكتشافاته. هو أول من اكتشف تقنية التشريح والتقطير، واخترع أيضًا الفتيلة التي تستخدم عند إجراء العمليات الجراحية، وله دور في تطور عملية التشريح الخاصة بجسم الإنسان. وقيل إنه فقد بصره من كثرة القراءة، ومن إجراء التجارِب الكيميائية في المعمل.

تقوم الأبحاث الطبية الحديثة على ما يسمى “المجموعة المرجعية”. فمن أجل اختبار عقار أو دواء، تقوم المختبرات بإجراء الأبحاث على مجموعة من الأشخاص تناولوا العقار، مقابل مجموعة أخرى لم يتناولوا تلك الأقراص. وتهتم المختبرات بعد ذلك بمتابعة مضعفات الدواء على المجموعة الأولى ومقارنة حالتها الصحية مع المجموعة الثانية. وإذا كانت هذه المنهجية، مستعملة في عصرنا الحالي، وتم استعمالها مؤخرا بشكل مكثف خلال الأبحاث عن لقاح ضد فيروس كورونا كوفيد19، فإن اكتشافها يعود لعدة قرون ولصاحبها الطبيب والكيميائي أبو بكر الرازي الذي كان وراء إنشاء أول مستشفى في بغداد، وقام بإجراء بحوث في أسباب التهاب السحايا وطرق علاجها.

لم يقم الرازي بحصر عينة من المرضى لبحوثه فحسب، بل قام أيضا بحصر مجموعة مرجعية لم يُخضعها للعلاج، وذلك من أجل الوصول إلى حيادية كبيرة في علاجاته، وهو ما يشكل أساسا علميا جد متقدم قياسا لعصره، ومنهجية علمية صارمة في الطب ما دام الأمر متعلقا بحياة الإنسان.

في مطلع القرن العاشر ميلادي، استشار الخليفة العباسي الطبيب الرازي بشأن المكان الأمثل لبناء مستشفى جديد في بغداد. سلك الرازي طريقا علميا صارما في تحديد المكان الأمثل لبناء المستشفى، فقام بتعليق قطع من اللحم الطازج في أماكن مختلفة من المدينة، وتابع أيها ستتعفن أسرع من الأخرى. وبذلك استطاع تحديد البقعة الأنقى هواءً في المدينة. وتلك هي منهجية الرازي العلمية في حل المشاكل الطبية. الاعتماد على الدراسات العلمية من أجل اتخاذ بعض القرارات، لم يكن سائدا ولا معروفا في ذلك الوقت. لذلك نقول إن التجربة التي اعتمدها الرازي في تحديد البقعة الأنقى هواءً من أجل بناء المستشفى، تعكس طريقة التفكير العلمي الذي كان سائدا في ذلك العصر.

من إنجازاته:

◄اشتهر الرازي برسائله في الأمراض، وفي فروع متنوعة من فروع الطب.

◄احتوى كتابه (الأدوية المفردة) على وصفٍ فائق الدقة لتشريح جميع أعضاء جسم الإنسان.

◄اخترع الرازي الخيوط المخصصة للخياطة في العمليات الجراحية.

◄ساهمت مؤلفاته في تطور صناعة العقاقير والأدوية، فقد كان علّامة عصره.

◄بلغت مؤلفات الرازي 146 مصنّفًا، عبارة عن 116 كتابا، و30 رسالة.

◄امتازت مؤلفات الرازي بالموسوعية والشمول، لما تجمعه من علوم هندية ويونانية بالإضافة إلى أبحاثه ومبتكراته الزاخرة بالعلوم.

◄كان أول من صنع مراهم الزئبق.

◄قدم شرحا لكل ما يتعلق بأمراض الأطفال والنساء والولادة والأمراض التناسلية وجراحة العيون

وأمراضها.

هكذا يكون أبو بكر الرازي، أول من ابتكر المنهج العلمي في الأبحاث والدراسات الطبية، وهو المنهج الذي ما زال معتمدا حتى وقتنا الراهن. كما أنه لم يكن يتخذ القرارات الطبية إلا باعتماد منهج علمي، وهو ما تعكسه بكل جلاء التجربة التي قام بها من أجل تحديد البقعة الأنقى هواء، لبناء المستشفى حرصا على صحة المرتفقين الذين سيرتادونه.

سعيد الغماز

 

 

التعاليق (0)

اترك تعليقاً