عرفت أسعار الكرموس الهندي (التين الشوكي) هذا الموسم ارتفاعًا غير مسبوق في مختلف الأسواق المغربية، حيث تجاوز سعر الحبة الواحدة في بعض المناطق 15 درهماً، بعدما كانت تُباع بأثمنة رمزية أو تُجنى بالمجان في البوادي والحقول، ما أثار جدلاً واسعًا بين المستهلكين والفلاحين على حد سواء.
ويعزو متابعون هذا الارتفاع الصادم إلى تراجع كبير في الإنتاج بسبب انتشار آفة “الدودة القرمزية”، التي تسببت في إبادة مساحات واسعة من حقول التين الشوكي، خصوصاً في المناطق الجبلية والقروية التي تعتبر موطنًا رئيسيًا لهذه الزراعة. وقد أدى ذلك إلى تقليص الكميات المعروضة، في مقابل تزايد الطلب، ما خلق نوعًا من الندرة في الأسواق.
ولمواجهة هذه الأزمة، بدأ بعض الفلاحين في اعتماد تقنيات جديدة للزراعة داخل البيوت البلاستيكية، حيث تتم حماية النبات من الحشرات والعوامل المناخية القاسية، مع تسجيل تحوّل في بعض المناطق من زراعة المحاصيل التقليدية إلى التين الشوكي، رغم التكاليف المرتفعة لهذه البدائل.
غير أن هذا التوجه، ورغم نتائجه الإيجابية على مستوى تأمين جزء من المحصول، لم ينجح بعد في كبح ارتفاع الأسعار، خاصة في ظل استمرار هيمنة الوسطاء والمضاربين على سلاسل التوزيع، وغياب آليات ناجعة لضبط السوق وحماية المستهلك.
ويؤكد مزارعون أن الفرق بين ثمن البيع في الحقل وسعر التجزئة وصل إلى مستويات غير مبررة، ما يعكس اختلالًا هيكليًا في قنوات التسويق ويطرح أسئلة حول دور الجهات المعنية في تنظيم القطاع.
اللافت، حسب مراقبين، أن الكرموس الهندي لم يعد حكراً على المناطق القروية أو الفئات محدودة الدخل، بل أصبح حاضرًا على موائد الطبقات المتوسطة والعليا، ما يرمز إلى تحوّل رمزي واجتماعي في مكانة هذه الفاكهة التي طالما ارتبطت بثقافة البساطة والكرم.
أمام هذا الوضع، يتصاعد صوت المهنيين منادين بضرورة تدخل مؤسسات الدولة لتوفير الدعم للفلاحين المتضررين، وتطوير حلول وقائية ضد الآفات الزراعية، إلى جانب خلق منظومة تسويق عادلة تعيد التوازن بين العرض والطلب وتضمن أسعارًا منصفة للمستهلك دون الإضرار بالمنتج.