غياب الأطباء يعطل المرافق الصحية بتارودانت ويثقل كاهل السكان

غياب الأطباء يعطل المرافق الصحية بتارودانت ويثقل كاهل السكان أكادير والجهات

يعيش إقليم تارودانت، الذي يعد من أكبر أقاليم المملكة من حيث المساحة وعدد الجماعات القروية، على وقع أزمة صحية متفاقمة تثير قلق الساكنة وتسلط الضوء على هشاشة المنظومة الصحية في العالم القروي.

ورغم وجود عدد من المستوصفات المحلية في مختلف الجماعات، بعضها يتوفر على تجهيزات طبية أساسية، إلا أن غياب الأطباء والأطر الصحية يجعل هذه المرافق شبه مشلولة، لتتحول إلى بنايات فارغة لا تلبي حاجيات المواطنين الذين يضطرون للبحث عن بدائل بعيدة وغير مضمونة.

وبحسب مصادر محلية، فإن هذا الوضع يدفع مرضى القرى والمناطق الجبلية إلى قطع مسافات طويلة، تصل أحيانا إلى عشرات الكيلومترات، من أجل الوصول إلى المستشفى الإقليمي المختار السوسي بمدينة تارودانت، الذي يُعد الوجهة الوحيدة للاستشفاء في المنطقة.

لكن في المقابل، يعاني هذا المستشفى بدوره من ضغط متزايد ونقص حاد في الموارد البشرية، خاصة الأطباء الاختصاصيين، إلى جانب أعطاب متكررة ونقص في الأجهزة الطبية الحيوية الخاصة بالتحاليل والفحوصات الدقيقة.

ويجد المرضى أنفسهم، في كثير من الحالات، مضطرين إلى التوجه نحو أكادير أو مراكش قصد الاستشفاء، ما يضاعف من معاناتهم المادية والنفسية، خصوصا في صفوف الفئات الهشة والمسنين والنساء الحوامل.

وتثير هذه الوضعية تساؤلات حارقة لدى متتبعي الشأن المحلي، الذين يرون أن بناء وتجهيز المستشفيات يفقد معناه أمام غياب الطواقم الطبية القادرة على تشغيلها وضمان خدمات صحية لائقة، مطالبين بربط تجهيز البنيات التحتية الصحية بمخططات موازية لتوفير الأطر والكفاءات الطبية الضرورية، عبر آليات تحفيز واضحة وفعالة.

وفي السياق ذاته، عبر عدد من الفاعلين المحليين عن استيائهم مما اعتبروه “إخفاقا متواصلا للبرامج الحكومية” التي تم الترويج لها في إطار إصلاح منظومة الصحة، والتي وعد المواطنون من خلالها بثورة في هذا القطاع، إلا أن الواقع يكشف عن استمرار الأزمات نفسها وتعمّقها عاما بعد آخر.

وأمام هذا الوضع، تطالب أصوات المجتمع المدني بالإقليم بـ”وقف التهميش الممنهج” الذي يطال الحق في الصحة، داعية إلى إعادة الاعتبار لهذا القطاع الحيوي، من خلال توفير الموارد البشرية الكافية، وإحداث وحدات صحية متنقلة، وتحسين ظروف العمل للأطر الطبية، بما يكفل خدمات صحية عادلة ومتوازنة بين الحواضر والقرى.

وتبقى معاناة ساكنة إقليم تارودانت مع قطاع الصحة مرآة حقيقية لاختلالات التوازن المجالي، ما يستوجب مقاربة تنموية شاملة تعيد توزيع الخدمات العمومية بعدالة وتحقق الكرامة للمواطنين في كل ربوع الوطن.