سعيد موسى.. السفير الذي كلما حط في بلد، زاد دعم الصحراء المغربية!

خارج الحدود

agadir24 – أكادير24

يندر في عالم الدبلوماسية أن تجد شخصية تُعرف بتأثيرها العكسي، لكن حالة سعيد موسى، السفير الجزائري السابق في إسبانيا وفرنسا والبرتغال، تُعد استثناءً طريفًا وربما مُحرجًا في آنٍ واحد للآلة الدبلوماسية الجزائرية.

فمنذ تعيينه سنة 2019 سفيرًا للجزائر لدى مدريد، بدأت مؤشرات التحول تظهر ببطء. لم تكد تمر بضع سنوات حتى أعلنت الحكومة الإسبانية دعمها الصريح لمغربية الصحراء، في موقف شكّل صفعة دبلوماسية للجزائر، التي استدعت سفيرها “للتشاور”، ثم أبقته في البلاد بلا رجعة.

في 2022، تم ترحيله دبلوماسيًا إلى باريس، لعل فرنسا تكون أوفى للموقف الجزائري. غير أن التاريخ كرر نفسه، إذ انقلبت باريس هي الأخرى وأعربت عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. فجاء القرار الحاسم من وزارة الخارجية الجزائرية: “اجمع أغراضك، وعد فورًا”.

وعندما لم يبق أمام صانع القرار الجزائري سوى تجريب حظ جديد، وقع الاختيار على البرتغال في 2024، ربما ظنًا أن لشبونة لا تخرج عن الصف. لكن مجددًا، وبعد أقل من عام، أعلنت الحكومة البرتغالية دعمها الصريح لمغربية الصحراء، في إطار احترام وحدة المملكة الترابية وسيادتها، ليجد السيد موسى نفسه مرة ثالثة بصدد لملمة حقائبه.

وبات الرجل يُعرف في الكواليس بلقب غير رسمي: “سفير الـ GPS”، لأنه كلما نزل ببلد، اتجه ميزان موقفه نحو الرباط. في قاموس الدبلوماسية، قد تُقاس نجاحات السفراء بمدى تعزيزهم لعلاقات بلادهم، لكن في حالة موسى، يبدو أن مهمته الحقيقية كانت – دون قصد – الدفع بمواقف الدول لصالح المغرب.

الطريف في الأمر، أن كل تعيين جديد لهذا السفير بات يُثير الترقب: أي بلد سيكون التالي في لائحة دعم مغربية الصحراء بعد أن تطأه قدماه؟ وإذا ما استمرت “اللعنة السياسية”، فقد بات من مصلحة المغرب – على سبيل السخرية – أن توفده الجزائر إلى دول أخرى مترددة.

هي مفارقة دبلوماسية لا تخلو من العبرة: حينما تكون السياسة الخارجية قائمة على ردود الفعل والعناد الإيديولوجي، بدل بناء الثقة والنقاش الهادئ، فإنها غالبًا ما تنقلب على نفسها. وبينما يواصل المغرب حصد مواقف داعمة لمقترحه الواقعي والمعتبر للحكم الذاتي، تكتفي الجزائر بإعادة تدوير السفراء… والهزائم الرمزية.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً