رغم هبوط النفط عالميًا إلى ما دون 66 دولارًا… أسعار المحروقات في المغرب تواصل الاشتعال

الاقتصاد والمال

تسجّل الأسواق العالمية تراجعًا لافتًا في أسعار النفط، إذ هبط خام برنت إلى قرابة 66 دولارًا للبرميل خلال تداولات نهاية الأسبوع، فيما تحرك خام غرب تكساس الوسيط حول 63–64 دولارًا، وسط ضبابية اقتصادية وتغيرات جيوسياسية متسارعة.

ورغم هذا الهبوط، تبقى أسعار المحروقات في المغرب مرتفعة مقارنة بتوقعات المستهلكين؛ فبيانات دولية حديثة تشير إلى أن سعر البنزين الممتاز في البلاد دنا من 12.94 درهمًا للتر في تحديث 4 غشت 2025، وهو مستوى يعلو المتوسط العالمي للفترة نفسها.

وتتداخل عدة عوامل داخلية وهيكلية لشرح الفجوة بين مسار الأسعار عالميًا وسعر الضخ محليًا. يعتمد المغرب منذ توقف مصفاة “سامير” عن التكرير في 2015 على الاستيراد شبه الكامل للمنتجات المكررة، ما يضيف كلفة الشحن والتأمين وهوامش سلسلة الإمداد، ويجعل السعر النهائي أكثر ارتباطًا بأسعار الديزل والبنزين المكررين عالميًا وليس بسعر خام برنت وحده. كما أن تحرير أسعار المحروقات نهاية 2015 جعل التسعير رهينًا لتحركات السوق وتكاليف التوريد والعملة.

ويؤكد تقرير مجلس المنافسة بخصوص تتبّع التزامات موزّعي المحروقات أن تمرير الانخفاضات إلى المستهلك جاء جزئيًا خلال فترات هبوط الكلفة في 2023؛ فقد جرى تمرير نسبة أدنى من تراجع تكاليف الشراء إلى أسعار البيع، بينما كانت وتيرة تمرير الارتفاعات أكبر خلال فترات الصعود، وهي مفارقة تُبقي السعر عند المضخة متصلبًا نزولًا مقارنة بتذبذبه صعودًا. كما تُظهر جداول التقرير تغير مستويات الهوامش الإجمالية مع اختلاف الفترات والمنتجات.

ويزيد عامل سعر الصرف من هذا التأثير، إذ تُسعَّر المشتقات عالميًا بالدولار بينما تُباع محليًا بالدرهم؛ وأي تذبذب في الدولار أمام الدرهم ينعكس على كلفة التوريد، ما يفسّر بطء أو محدودية انخفاض الأسعار حتى مع هبوط النفط. تُظهر المؤشرات اليومية لبنك المغرب تحركات ملموسة في زوج الدولار/الدرهم خلال الأيام الأخيرة، وهو ما يظل عنصرًا حاسمًا في فاتورة الاستيراد.

ولا تنحصر العوامل في التوريد والصرف فقط؛ إذ تشكّل الضرائب غير المباشرة وحمولة الخدمات اللوجستية وهوامش التوزيع جزءًا معتبرًا من سعر اللتر النهائي. وعلى الرغم من اختلاف التقديرات بخصوص وزن كل مكوّن، يتفق الفاعلون والمؤسسات على أن البنية الضريبية ومعادلة التوريد بعد توقف التكرير المحلي تجعل السعر المحلي أقل استجابة للانخفاضات القصيرة الأجل في الأسواق الدولية.

وعلى المدى القريب، يظل المسار العالمي للنفط محكومًا بتوازن هش بين توقعات الطلب، وسياسات أوبك+، والتطورات الجيوسياسية؛ إذ تُرجّح تقديرات بحثية استمرار التداول في نطاقات متراجعة نسبيًا هذا العام، مع مخاطر هبوط إضافية إذا ضعفت مؤشرات الطلب، ما يعني أن أي انفراج محلي سيعتمد على دوام الهبوط عالميًا وتراجع هوامش التكرير وتحسن شروط التوريد. لكن حتى يتحقق ذلك على أرض الواقع عند المضخة، سيبقى المستهلك المغربي أمام دورة تمرير بطيئة نسبيًا للانخفاضات مقارنة بسرعة استيعاب الزيادات.

    تعليقات الزوار تعبّر عن آرائهم الشخصية، ولا تمثّل بالضرورة مواقف أو آراء موقع أكادير 24.
  1. محمد -

    نحن في فصل الحرارة