تفاعل خبراء في مجال الاقتصاد مع التصريحات التي أدلى بها مؤخرا المندوب السامي لمندوبية التخطيط، أحمد الحليمي، حول التضخم وارتفاع الأسعار في المغرب، والتي أثارت جدلا واسعا بالمملكة.
في هذا السياق، كشف المحلل والخبير الاقتصادي محمد جدري، أن تصريحات المندوب السامي للتخطيط “يطبعها الكثير من الصراحة والوضوح اللذين تفتقدهما الحكومة في خطابها”.
وأضاف محمد جدري أن “لحليمي وضع الأصبع على الجرح مباشرة دون لف ولا دوران، عكس الحكومة التي قالت، في أكثر من مناسبة، إن الأسعار ستعرف انخفاضا خلال حلول شهر رمضان، وهو ما لم يتحقق إلى حدود الساعة”.
وأبرز ذات المحلل أن “الرأي العام يسمع خطابا معاكسا لما تقوله الحكومة من طرف مؤسسات دستورية من قبيل المندوبية السامية للتخطيط، وبنك المغرب، والمجلس الأعلى للحسابات، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومجلس المنافسة”، مضيفا أن “الحكومة مطالبة بإعادة ترتيب أوراقها ومخاطبة المغاربة بالوضوح والشفافية”.
السياسة الفلاحية ومخطط المغرب الأخضر
من جهته، أكد الباحث الاقتصادي رشيد ساري أن المندوبية السامية للتخطيط “كان عليها أن تدق ناقوس الخطر أمام السياسة الفلاحية التي انتهجها المغرب من خلال مخطط المغرب الأخضر، قبل سنوات من الآن”، وذلك بفعل “ارتكاز هذا المخطط على الكم دون الأخذ بعين الاعتبار الكيف”.
وأوضح ذات المتحدث أن “السياسة الفلاحية ارتكزت على الإنتاج الكبير من أجل التصدير والرفع من القيمة المضافة وإغراق السوق بالمنتجات الفلاحية، دون الانتباه إلى أن هذا الرفاه سيجعل من المغرب دولة فقيرة مائيا”.
وتوقف ذات الباحث عند إعلان مجموعة من الضيعات إفلاسها جراء نضوب الآبار، كما انتقد “سياسة تصدير الماء عبر الطماطم والبرتقال والفراولة وحاليا الأفوكادو، ناهيك عن جشع المضاربين والوسطاء وعجز الحكومة عن التحكم في السوق”.
رفع نسبة الفائدة
اعتبر رشيد ساري أن “بنك المغرب لجأ إلى رفع سعر الفائدة حتى نتجنب الأسوأ، وكي لا نجد أنفسنا أمام تضخم مالي ونقدي يفقد الدرهم قيمته، وبالتالي سيكون المغرب محرجا أمام المؤسسات المالية الدولية”.
وفي مقابل ذلك، يرى محمد جدري أن “الرفع من نسبة الفائدة إلى 3 في المائة سيؤزم وضعية المقاولات الصغرى والمقبلين على القروض، وهو ما سيسبب ركودا اقتصاديا خلال السنوات المقبلة”.
وأبرز جدري أن “الحكومة مطالبة ببذل مجهود إضافي، إما عن طريق تجميد بعض الضرائب مثل الضريبة الداخلية للاستهلاك أو الضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن ضخ اعتمادات مالية مهمة لأطر وأعوان المراقبة من أجل الحد من ظاهرة الوسطاء والمضاربين والمحتكرين الذين يغتنون من أزمات المواطنين”.
تصريحات الحليمي
وصف كثيرون تصريحات المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، حول التضخم بالمغرب بـ”المقلقة”، ذلك أنه توقع استمرار موجة التضخم ودعا المواطنين إلى الاستعداد للتعايش مع هذه الأزمة خلال السنتين المقبلتين على أقل تقدير.
وحسب الحليمي، فإن التضخم بالمغرب لا يستند إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الأسواق الدولية، ولكنه يرتبط أساسا بارتفاع أسعار المنتجات الغذائية المحلية، مشيرا إلى أن هذا الأمر أصبح عاملا هيكليا في اقتصادنا.
وعن الطريقة التي تتعامل بها حكومة أخنوش مع هذا الموضوع، أبرز الحليمي أن الأخيرة تذهب إلى التأكيد على أن الأزمة مستوردة في جزء كبير منها، وأن التضخم في جانب قليل منه محلي، وهو الأمر الذي انتقده.
وشدد ذات المسؤول على أنه “يجب أن يتم إخبار الرأي العام بالحقيقة وجعله على دراية بالإصلاحات التي يجب القيام بها”، مبرزا أن نسبة التضخم بلغت 10.1٪ في فبراير الماضي، وهو المستوى الذي لم يشهده المغرب منذ سنة 1984.