أكد الدكتور محمد حنداين، رئيس كونفدرالية الجمعيات الأمازيغية بالجنوب، أن مدينة أكادير تعيش اليوم مرحلة جديدة مع المجلس الجماعي الحالي، بعدما خرجت لأول مرة منذ نصف قرن من “الضغط الإيديولوجي” الذي طبع المجالس السابقة، سواء مع القومية العربية أو مع الإسلام السياسي.
تحولات في البنية والهوية
وأوضح حنداين، في تصريح للجريدة، أن المدينة “تغيرت رأسا على عقب” بفضل مشاريع البنية التحتية والمساحات الخضراء، غير أن الرهان الأكبر يظل في جعل أكادير “عاصمة الأمازيغية وطنيا ودوليا”.
وأضاف أن لقاء 17 غشت 2022 بين المجلس وفعاليات الحركة الأمازيغية شكل محطة أساسية لطرح مطالب ملحة، منها التنزيل السليم للطابع الرسمي للأمازيغية وفق ما نص عليه دستور 2011.
مكاسب مهمة.. وملاحظات قائمة
وأشار المتحدث إلى أن المجلس حقق خطوات إيجابية من خلال إنجاز المتحف الأمازيغي وتجديد معلمة “أكادير أوفلا”، إلى جانب مركز الفنون المنتظر افتتاحه قريبا. كما اعتبر الاحتفال الرسمي برأس السنة الأمازيغية “مكسبا تاريخيا”، لكنه شدد على ضرورة تبني مقاربة تشاركية مع مختلف الجمعيات لضمان نجاح أكبر.
وبخصوص كرنفال “بيلماون”، نوه حنداين بالصدى الوطني والدولي الذي حققه، لكنه انتقد ما وصفه بـ”تجاهل التجارب الأولى في الدشيرة وإنزكان”، معتبرا أن التنسيق مع الفاعلين هناك كان سيضفي قيمة أكبر على الحدث.
دعم الجمعيات.. الحلقة الناقصة
ولفت رئيس الكونفدرالية إلى أن “ضعف الدعم المالي للجمعيات الأمازيغية يبقى من أبرز النقاط السوداء”، مشيرا إلى أن جمعيات أخرى استفادت في الماضي من منح وهبات سخية، بينما كانت الأنشطة الأمازيغية ممنوعة أو مهمشة.
وشدد على أن المرحلة الراهنة تفرض تفعيل مبدأ التمييز الإيجابي لضمان عدالة لغوية وثقافية، وعدم خلق “سرعتين مختلفتين” بين اللغتين الرسميتين. كما نبه إلى أخطاء واسعة في التشوير بالمدينة، حيث رصدت الدراسات أن 85 في المئة من الكتابات بتيفيناغ غير صحيحة.
الآلية التشاركية.. بين الطموح والإكراهات
وتوقف حنداين عند تجربة “الآلية التشاركية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، التي تأسست في 8 مارس 2023، معتبرا أنها “خطوة مهمة لكنها ما تزال تعاني مشاكل تنظيمية وتنسيقية”.
وأضاف أن الفاعلين راسلوا المجلس الجماعي لتصحيح المسار، وهو ما تم التفاعل معه في اجتماع رسمي يوم 18 شتنبر الماضي بحضور نواب الرئيس.
التزامات جديدة
وحسب حنداين، فقد تعهد المجلس خلال الاجتماع بتصحيح أخطاء التشوير، ودعم الجمعيات الأمازيغية بشكل أفضل، مع الإعلان عن مشاريع ثقافية جديدة مرتبطة بالهوية الأمازيغية لم يكشف عن تفاصيلها بعد.
كما تم الاتفاق على:
إحداث جائزة التميز في المجال الأمازيغي.
توسيع تركيبة الآلية التشاركية لتشمل جميع الفاعلين المهتمين.
برمجة اجتماع شهري للآلية في بداية كل شهر.
آفاق مستقبلية
وختم رئيس كونفدرالية الجمعيات الأمازيغية بالجنوب تصريحه بالتأكيد على أن “المجلس الجماعي الحالي حقق مكاسب لا يمكن إنكارها”، لكنه شدد في المقابل على أن “الطريق ما يزال طويلاً لترسيخ عدالة لغوية وثقافية فعلية”، مضيفا أن الرهان المستقبلي يتمثل في “اعتماد مقاربة تشاركية واسعة وتجسيد الإرادة الدستورية لجعل الأمازيغية لغة وهوية حاضرة بقوة في المشهد المحلي”.