عاد جدل تحرير المحروقات إلى الواجهة بعد مطالبة فاعلين اقتصاديين ونقابيين بإحداث الوكالة الوطنية لتقنين القطاع وتغيير الأعضاء الحاليين لمجلس المنافسة، من أجل وضع حد للاختلالات التي يشهدها هذا القطاع الحيوي بالمغرب.
واعتبر هؤلاء أن الغرامة التصالحية التي أقرها مجلس المنافسة في حق 9 شركات للمحروقات ومنظمتهم المهنية “ضعيفة ومتواضعة”، محملين مسؤولية الوضع الراهن إلى قرار التحرير الذي اتخذته حكومة عبد الإله بنكيران من دون توفير ضمانات حقيقية لحماية المنافسة.
في هذا السياق، أفاد محمد بنموسى، الخبير الاقتصادي وعضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، بأن “مجلس المنافسة مطالب بفتح دفاتره مجددا لتحديد كيفية ومنهجية التوصل إلى الغرامة التصالحية”، مشددا على ضرورة تشكيل “لجنة برلمانية لفحص المسطرة وحيثيات احتساب الغرامة التصالحية”.
واعتبر ذات المتحدث أن “التماطل في الحسم في القرار النهائي المشؤوم بخصوص شركات المحروقات يضعف هيبة المؤسسات الدستورية”، مؤكدا أن ملف المحروقات يشكل “تحديا للفاعل السياسي، حيث سبق لحزب سياسي أن تحدث خلال الحملة
الانتخابية عن حالة الجشع في قطاع المحروقات ووعد بتسقيف الأسعار وتحديد هوامش الربح، إلا أنه أخلف وعوده بعد دخوله الحكومة”.
واعتبر الخبير الاقتصادي نفسه أن ضمان استقلالية مجلس المنافسة يقتضي “التغيير السريع والعاجل للأعضاء الحاليين وتقليص السلطات التي منحت للرئيس”، وذلك بهدف حماية المصلحة العامة، وفق تعبيره.
ومن جهته، أكد الحسين اليمني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، أن تجاوز الوضعية الراهنة التي يعيشها القطاع رهين باتخاذ مجموعة من القرارات، ومن بينها “إسقاط قرار تحرير أسعار المحروقات إلى حين توفر شروط التنافس في السوق، والرجوع لتنظيمها وفق تركيبة جديدة مبنية على حقيقة الأسعار الدولية وتكاليف التوريد وهوامش ربح محددة للفاعلين مقابل وفائهم بالتزامات المخزون والجودة”.
وفي سياق متصل، شدد اليمني على ضرورة “مراجعة القوانين الجارية والمتجاوزة، بما فيها قانون المنافسة وحرية الأسعار وقانون مجلس المنافسة، والقطع مع جميع المخالفات التي تؤدي للتفاهمات حول الأسعار”، فيما دعا إلى “تأسيس الوكالة الوطنية لتقنين القطاع والفصل بين نشاط التكرير والتوزيع والتخزين والسماح للجميع باستغلال البنيات الموجودة قبل تاريخ تحرير الأسعار”.
وإلى جانب ذلك، حث الفاعل النقابي ذاته على “مراجعة مسطرة تعيين أعضاء مجلس المنافسة يجب والحد من تدخل الحكومة في التعيينات وتحصين الأعضاء في ممارسة مهامهم بكل استقلالية وحياد، من أجل خدمة المصالح العليا للاقتصاد الوطني”.