في ضربة أمنية حازمة ضد الجريمة الإلكترونية، تمكنت عناصر الشرطة القضائية بأمن إنزكان، زوال اليوم الجمعة مباشرة بعد الصلاة، من توقيف موظف يعمل بإدارة السجون بتارودانت، للاشتباه في كونه العقل المدبر وراء المنصة الرقمية المشبوهة المعروفة باسم “SMG”.
وجاءت عملية التوقيف بناءً على تعليمات صارمة من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بإنزكان، بعد تفجر فضيحة نصب إلكتروني مدوية ذهب ضحيتها المئات من المواطنين في مختلف المدن المغربية، بمبالغ مالية قدرت بالملايير.
رقام صادمة وخسائر فادحة
كشفت المعطيات الأولية أن جهة أكادير لوحدها سجلت ما يناهز 40 ضحية، تعرضوا لعملية سلب لأموالهم التي تجاوزت 500 مليون سنتيم. وقد تحول “حلم الثراء السريع” إلى كابوس حقيقي بعدما اختفت المنصة فجأة من الفضاء الرقمي، تاركة خلفها مآسي اجتماعية لمن استثمروا مدخرات العمر.
هكذا أوقعت “SMG” بضحاياها: سيناريو “بونزي” الشهير
اعتمدت منصة “SMG” أسلوباً تضليلياً محترفاً، حيث سوّقت لنفسها كفرصة لـ “العمل الرقمي البسيط” مقابل عوائد يومية مغرية. وكان يُطلب من المنخرطين تنفيذ مهام شكلية مثل مشاهدة الإعلانات التجارية، و الضغط على روابط معينة، َو جلب منخرطين جدد عبر نظام “الإحالات” لزيادة العمولات، وهو ما يعرف تقنياً بنظام “بونزي” (Ponzi Scheme)، حيث يتم دفع أرباح المشتركين القدامى من أموال المنخرطين الجدد، حتى ينهار الهرم المالي بمجرد توقف تدفق الضحايا الجدد.
من الافتراضي إلى الميداني.. فخ المكاتب الوهمية
ما جعل “SMG” أكثر خطورة من غيرها هو طابع “المأسسة” الذي حاولت إضفاءه على نشاطها، عبر فتح مكاتب فعلية في عدة مدن مغربية لإعطاء انطباع بالمشروعية، َو تنظيم احتفالات للترويج للأرباح الموهومة واستقطاب ضحايا جدد، فضلا عن استغلال مؤثري “تيك توك” الذين ساهموا في تلميع صورة المنصة قبل أن يسارعوا لحذف فيديوهاتهم بعد وقوع الفأس في الرأس.
بداية النهاية والملاحقة القانونية
مع نهاية سنة 2025، بدأت ملامح الانهيار تظهر بتماطل الإدارة في صرف الأرباح، وصولاً إلى الإغلاق الشامل للموقع وحذف مجموعات “واتساب” و”تلغرام”. إلا أن التحويلات البنكية التي قام بها الضحايا شكلت “الخيط الناظم” الذي مكن السلطات الأمنية من تتبع المسار المالي وتحديد هوية المشتبه فيه الرئيسي.
ويواجه المتورطون في هذا الملف تهماً ثقيلة تتعلق بـ النصب والاحتيال وتشكيل تنظيم إجرامي، وهي جرائم يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي بعقوبات حبسية مشددة، خاصة مع استعمال وسائل تكنولوجية متطورة للتضليل.
هذا،و يدعو المختصون جميع الضحايا إلى التوجه فوراً للمصالح الأمنية والفرقة الوطنية للشرطة القضائية لوضع شكاياتهم، معززة بإيصالات التحويل البنكي، لضمان حقوقهم وتسهيل عملية محاصرة باقي أفراد الشبكة.


التعاليق (0)