تزنيت بين الأغلبية والمعارضة: جدل الإنجازات والتحديات في أربع سنوات من التدبير الجماعي والإقليمي

أكادير والجهات

agadir24 – أكادير24

كشفت جلسة نقاش مفتوح نظمها برنامج “ملفات للنقاش” على إذاعة إم إف إم، عن تباين واسع بين أعضاء المجالس المنتخبة بتزنيت حول حصيلة أربع سنوات من التسيير الجماعي والإقليمي. بين من يدافع عن المشاريع التي أُطلقت، ومن يعتبر أن المدينة والاقليم ظلا رهينتين للوعود الانتخابية دون نتائج ملموسة.

رئيس جماعة تزنيت: إعادة تموقع المدينة وتنزيل مشاريع مهيكلة

افتتح عبد الله غازي، رئيس المجلس الجماعي والنائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، مداخلته بالتأكيد على أن ما تحقق بتزنيت خلال هذه الولاية جاء وفق خطة مدروسة. وأوضح أن الفترة الأولى، تحديدًا سنة 2022، خُصصت بالكامل لتشخيص الوضع ووضع برنامج عمل الجماعة، الذي اعتبره بمثابة وثيقة مرجعية لإعادة تموقع المدينة على مستوى الأولويات التنموية.

وأشار غازي إلى أن أولى الأوراش كانت مراجعة تصميم التهيئة الذي امتد لستة أشهر، حيث تم وفق تعبيره “معالجة الإشكالات البنيوية المرتبطة بالتعمير”، بما فيها مشكلة الطرق الجديد، وشوارع بعروض مبالغ فيها. واعتبر غازي أن هذا التصميم لم يكن تحيينًا تقنيًا فقط بل تمرينًا مؤسساتيًا كاملًا شمل مختلف الفاعلين، بما فيهم الوكالة الحضرية والسلطات الإقليمية.

وحول ما تحقق ميدانيًا، أكد غازي أنه تم تجديد حظيرة آليات النظافة بما يقارب 10 ملايين درهم، وتأهيل المطرح الجماعي، مع إطلاق صفقة المطرح الجديد.

أما بخصوص المشاريع الكبرى، فأبرز أن “مشروع تهيئة المدينة وتحسين جاذبيتها”، بميزانية قدرها 63 مليار سنتيم، هو الأهم حاليًا، مؤكدا أن الاتفاقيات الموقعة مع أكثر من 10 شركاء حكوميين بدأت تدخل حيز التنفيذ، مشيرًا إلى أن “الأشغال الفعلية انطلقت على الأرض في عدد من المحاور”.

ولدى سؤاله عن التأخر الذي سجلته ساكنة تزنيت، خصوصًا فيما يتعلق بمشروع “قرية المعرفة”، نفى غازي أن يكون هناك بيع للوهم، معتبرًا أن المشروع حُسم على مستوى العقار والدراسات، مشيرًا إلى أن التأخر يعود لمراجعة الدولة أولويات التعليم العالي على المستوى الوطني، مؤكدًا أن تزنيت استفادت من قرار إحداث الكلية وأن “الأشغال ستظهر على الأرض خلال السنتين المقبلتين”.

كما أشار غازي إلى أن حي بوتيني وأحياء ناقصة التجهيز مشمولة ضمن اتفاقيات تهيئة شاملة بقيمة 100 مليون درهم، تشمل توفير قنوات الصرف الصحي (Assainissement) والطرق، وليس فقط عمليات ترقيعية.

رئيس المجلس الإقليمي: 263 كيلومترًا من الطرق ومشاريع اجتماعية

من جهته، استعرض محمد الشيخ بلا، رئيس المجلس الإقليمي لتزنيت، بدوره عن حزب التجمع الوطني للأحرار، حصيلة المجلس التي اعتبرها “ثمرة مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين”. وأوضح أن المجلس أنجز برنامج التنمية الإقليمي بمشاركة القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمجتمع المدني.

وأكد الشيخ بلا أن المجلس أنجز ما يفوق 263 كيلومترًا من المسالك الطرقية عبر 28 دوارًا في 15 جماعة، بتمويل ذاتي وشراكات مع وزارة الفلاحة والجهة ووزارة التجهيز. وخص بالذكر اتفاقية مع وزارة الفلاحة بمبلغ 140 مليون درهم لتنفيذ 141 مشروعًا، واتفاقية أخرى مع الجهة ووزارة التجهيز بقيمة 94 مليون درهم.

فيما يتعلق بالمجال الاجتماعي، أشار رئيس المجلس الإقليمي إلى أن المجلس ساهم في إنشاء عدة مراكز اجتماعية، منها دار الطالب والطالبة بتفراوت وبونعمان وتزنيت، باستثمارات تفوق 28 مليون درهم. كما أبرز استمرار المجلس في دعم النقل المدرسي وتوفير الإيواء لـ500 طالب من أبناء الإقليم في أكادير وأيت ملول، بميزانية سنوية تقارب 125 مليون سنتيم.

وبالنسبة لملف التعليم العالي، أكد الشيخ بلا أن المجلس الإقليمي يشتغل على تنزيل مشروع كلية الاقتصاد والتنمية المستدامة، والمعهد العالي للصناعة التقليدية، والمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، بمساهمة مالية إجمالية تفوق 100 مليون درهم، بالإضافة إلى توفير وعاء عقاري بـ40 هكتارًا لما سماه “قرية المعرفة”.

المعارضة: إنكار للمشروعية أم دفاع عن الحقيقة؟

على الضفة المقابلة، حضر عن المعارضة كل من عبد الله القسطلاني، عضو المجلس الجماعي عن حزب العدالة والتنمية، ونوح أعرب، عضو المجلس الجماعي عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

واتفق القسطلاني وأعرب على وصف حصيلة المجلس الجماعي والمجلس الإقليمي بـ”بيع الوهم”، مؤكدين أن جل المشاريع التي يجري تسويقها اليوم هي امتداد لما تم التأسيس له في الولايات السابقة، خصوصًا 2015–2021، حين كان حزب العدالة والتنمية والتقدم والإشتراكية ضمن الأغلبية المسيرة.

وأكد القسطلاني أن المطرح الجماعي، مثلًا، تمت برمجة صفقة تأهيله قبل الانتخابات، فيما يقتصر دور المجلس الحالي على إعطاء انطلاقة الأشغال. وأضاف أن نفس الشيء ينطبق على مشروع التهيئة الشاملة وتصميم التهيئة الذي انطلق منذ الولاية السابقة.

وانتقد نوح أعرب ما سماه “التسويق السياسي المبالغ فيه”، مشيرًا إلى أن الشارع التزنيتي “لا يلمس أي أثر حقيقي للمشاريع الكبرى التي يُتحدث عنها”، مستدلًا باستمرار إغلاق المسابح وغياب مرافق عمومية في عدد من الأحياء، وعلى رأسها حي بوتيني الذي وصفه بالحي المنسي.

وأضاف أعرب أن “ما يسمونه مشروع الجاذبية هو مشروع لجذب المدينة إلى الوراء، لا غير”، مستغربًا غياب التنزيل الفعلي لمشاريع باتت موضوع وعود متكررة منذ سنوات.

كما انتقد أعرب بشدة ما وصفه بـ”تضارب المصالح”، مشيرًا إلى ما وصفه بـ”ملف عقار المطرح الجديد الذي تروج حوله إشاعات عن كونه في ملكية عضو بالمجلس”. وطالب بفتح تحقيق رسمي حول ذلك، معتبرًا أن “السكوت عن مثل هذه القضايا يُفقد المواطنين الثقة في العمل السياسي”.

ردود الأغلبية: العمل الجماعي سيرورة تراكمية

في المقابل، رفض رئيس المجلس الجماعي عبد الله غازي هذه الاتهامات، واصفًا الحديث عن تضارب المصالح بأنه “إنتاج للإشاعات”، مؤكدًا أن اقتناء العقار تم وفق المساطر القانونية في الولاية السابقة، ولا علاقة للأغلبية الحالية به.

وأكد غازي أن المجلس “لا يمارس البهرجة”، وإنما يشتغل بروية وتدبير محكم، مشيرًا إلى أن تفعيل الاتفاقيات الموقعة يتطلب مراحل تقنية وإدارية تستغرق وقتها الطبيعي، وأن المجلس يتعامل مع المشاريع بمنطق الاستدامة وليس “استعجال النتائج لإرضاء الشارع فقط”.

كما شدد غازي على أن الجماعة تحتفظ بكل المشاريع التي تم إعدادها في الولايات السابقة، وأنها تشتغل بمنطق التراكم لا القطيعة، مشيرًا إلى أن الفريق الجماعي الحالي يضم أعضاء سابقين من حزب الاتحاد الاشتراكي كانوا جزءًا من الأغلبية السابقة.

جدل مستمر وثقة تنتظر التجديد

رغم محاولات التوضيح من طرفي النقاش، يبقى الشارع التزنيتي في انتظار تنزيل مشاريع فعلية على أرض الواقع. وبين خطاب الإنجازات الطموحة وخطاب النقد الشرس، تتضح صورة مشهد سياسي محلي يطبعه التوتر والاتهامات المتبادلة، في انتظار ما ستكشف عنه السنوات المتبقية من الولاية الانتدابية الحالية.